ألزم بنك الجزائر جميع المؤسسات المالية والبنوك، بإجراءات جديدة فيما يتعلق بحسابات المودعين بالعملة الصعبة، إذ سقفت المبلغ المعفى من التبرير عند 1000 أورو، فيما أوجبتهم بمبدأ مساءلة صاحب كل حساب يتجاوز رصيده 1000 أورو بواحد أورو إضافي ومبدأ “من أين لك هذا “، هذا المبدأ الذي من شأنه أن يشكل عاملا منفرا لفتح حسابات داخلية بالعملة الصعبة. في مذكرة جديدة تحمل عناصر مثيرة للجدل، وجه بنك الجزائر عبر المديرية العامة للصرف إلى البنوك والمؤسسات المالية المعتمدة تعليمة، تؤكد من خلالها على ضرورة اعتماد معيار تبرير الأموال المودعة بالعملة الصعبة من قبل المواطنين حينما تكون المبالغ المالية تعادل أو تتجاوز سقف 1000 أورو، أي أن كل مودع يعادل أو سيتجاوز سقف 1000 أورو ملزم بتقديم وثائق رسمية تبرر مصدر العملة الصعبة موضوع الحساب البنكي. وتلزم المذكرة رقم 149 الصادرة عن المديرية العامة للصرف بتاريخ 27 أكتوبر 2019، وتحوز الشروق نسخة منها المودع أو صاحب الحساب البنكي بتقديم إقرار يبرر مصدر الأموال المودعة، كما تلزم المذكرة البنوك بإلزام أصحاب الحسابات بالعملة الصعبة التي يفوق رصيدها 1000 أورو بتقديم تصريح جمركي يثبت مصدر هذه الأموال. ولا تكتفي المذكرة في مضمونها الذي جاء مخالفا تماما للقرارات السابقة التي أقرتها جمعية البنوك ومحافظ بنك الجزائر في اجتماعهم قبل سنة، لتسهيل إجراءات إيداع الأموال وإسقاط العديد من الإجراءات التي كان يعتبرها بنك الجزائر معيقة لاستقطاب الأموال سواء بالعملة الوطنية أو بالعملة الصعبة ضمن الدوائر الرسمية، إذ تشير المذكرة إلى الجانب الردعي والعقابي في حال مخالفة مضمون المذكرة وعدم احترام للإجراءات الجديدة والتي أدرجتها ضمن مخالفات الصرف. واستند أصحاب المذكرة التي أصبحت عملية بداية من يوم السبت الماضي في تبرير الإجراء على المادة 72 من القانون 15-18 الصادر في 30 ديسمبر 2015 والمتعلقة بقانون المالية 2016، إلى جانب المادة 3 من التنظيم رقم 16-02 المؤرخ في 21 أفريل 2016 والمحدد لسقف التصريح باستيراد وتصدير الأوراق البنكية و/ أو الأدوات القابلة للتفاوض المقيدة بالعملة الأجنبية القابلة للتحويل الحر من قبل المقيمين وغير المقيمين. التدابير موضوع مذكرة بنك الجزائر، تعتبر مثيرة للجدل، ذلك لأنها تعتبر تراجعا عن إجراءات سابقة، تم إقرارها في سياق تحفيز واستقطاب الأموال المتداولة في السوق الموازية أو ما يعرف بالدوائر غير الرسمية لفتح أرصدة بالعملة الصعبة، حيث صدرت من قبل محافظ بنك الجزائر السابق وزير المالية الحالي محمد لوكال، في 19 جوان 2018، مذكرة تحمل رقم 02-2018 للمؤسسات المالية والمصرفية تشدد على إزالة جميع المعوقات والعقبات التي تواجه الجزائريين والأجانب المقيمين وغير المقيمين عند فتح حساب بالعملات الأجنبية. وسبق لبنك الجزائر في المذكرة الصادرة السنة الماضية أن انتقد القيود التي وضعت أمام المدخرين والمودعين ولم تسمح بتطوير الاندماج المالي من خلال جمع الادخارات من العملة الصعبة والتي تعتبر مساهمة، مؤكدة من خلال عدد الحسابات النشطة المقدرة ب4.7 مليون حساب، ومن خلال قيمة الادخار التي تعادل 5 ملايير دولار إلا أنه بحسب المتابعين للشأن المالي فالمذكرة الجديدة من شأنها أن تعيد السوق المالية إلى سابق عهدها مع تعاملات السوق الموازية وأشكال التهرب بالتصريح، في وقت تؤكد أرقام بنك الجزائر أن أكثر من 5000 مليار دينار تتداول خارج القطاع البنكي أي ما يزيد عن 50 بالمائة من أرصدة القروض الممنوحة لمجموع الاقتصاد الوطني.