يتواصل مسلسل التفرقع مع المفرقعات هذه الأيام التي شغلت بال الصغار والكبار ورجال الأمن والدرك، وكثرت المطاردات والتوقيفات والحجز بكميات معتبرة لهذه المفرقعة التي تخفي في حقيقة وراءها سؤال محير وهو “هل مازلت المفرقعات تستورد رغم رحيل العصابة؟”. بولاية سطيف حجزت مصالح الدرك منذ يومين قرابة 100 ألف مفرقعة بينما مصالح الشرطة كسرت العارضة الأفقية وحجت أكثر من مليون مفرقعة من مختلف الأحجام والأنواع، والمعلوم أن هذا النشاط يعرف كثافة مع كل احتفال بالعيد وبذكرى المولد النبوي الشريف، لكن من المفروض مولد هذا العام ليس كمولد السنوات الماضية فالبلد عرف تغييرات كبيرة صنعها الحراك الشعبي الذي غير العديد من الأشياء أبرزها سقوط العصابة وما قرب إليها من قول وعمل، والمعلوم أيضا أن المفرقعات التي تصنع كل هذا التهويل مع كل ذكرى مولد نبوي شريف هي منتوج أجنبي يدخل عبر الميناء بطرق غريبة، كان هذا في السابق لأن المختصين في استيراد هذه المادة كانوا يتكئون على رؤوس كبيرة لها أيد وأرجل تمتد إلى ممثلين عن العصابة الذين يتواجد أغلبيتهم في سجن الحراش، أين سقطت آخر مفرقعة بعد سقوط الركائز التي يستند إليها أصحاب الحاويات الملغمة والتي تشكل جزءا هاما من الفساد الذي عرفته البلاد. فالمفرقعة التي تثير الجدل والتهويل مع كل احتفال ما كان لها أن تصل إلى أيدي أولئك الأطفال الذين يبيعونها في الطرقات لولا تواطؤ جهات محسوبة على العصابة، والتي فتحت فوضى الاستيراد وتحكمت في حلالها وحرامها ومنحت الامتيازات والاستثناءات لمن تشاء. فالمفرقعة التي تصنع في جمهورية الصين هي مجرد لعبة وتكلفتها تقدر ببضعة سنتيمات وعندما تدخل إلى الجزائر تباع بأضعاف مضاعفة والحاوية الواحدة من المفرقعات ستغير وضعك من حالة إلى أخرى وشتان بين الحالتين. ولذلك دخول المفرقعة لم يكن عاديا ولم يكن بمقدور أي تاجر حتى وإن ملك أموال قارون. وحسب المتتبعين للوضع، فإن هذا الامتياز يوشك أن ينتهي لأنه من ممارسات الماضي وكمية المفرقعات التي تجول في السوق حاليا هي من بقايا النظام السابق بل هي كميات دخلت الجزائر قبل الحراك، وهي الآن تشغل بال التجار الصغار فشكلت مرتعا لهم وسمحت لهم بتصريف ما تبقى في وعاء المفرقعات الذي لم يعرف التموين والتجديد في الأشهر الأخيرة، بدليل أن المفرقعات المتوفرة حاليا تحمل نفس ماركات السنة الماضية، وبالتالي يرجح أن تزول المفرقعة من السوق الجزائرية لأنها تعيش ارتداداتها الأخيرة ولم يعد يدعمها أحد وكل من اقترب منها قد تحرقه وترمي به في غيابات السجن. لأن الأمر يتعلق بمادة محظورة بنص القانون واللعب بها اليوم ليس كما كان بالأمس.