أعاد اتحاد النصب التذكارية الفرنسي جدلية تمجيد ممارسات الجيش الفرنسي في مستعمراته السابقة، التي لا زالت تداعياتها لم تهدأ بعد، سيما بين الجزائر وباريس، بالرغم من مرور ما يقارب ثلاث سنوات على تبني الجمعية الوطنية الفرنسية، البرلمان، لقانون 23 فبراير 2005، الذي يعد أول قانون فرنسي يمجد ممارسات تعتبر في النظم والأعراف الدولية جرائم يعاقب عليها حيث وضعت هذه المؤسسة الرسمية، حجر الأساس لنصب تذكاري جديد يخلد تضحيات الجنود الفرنسيين، الذين قضوا حياتهم في حرب الجزائروتونس والمغرب خلال الفترة الممتدة ما بين 1952 التي شهدت انطلاق حرب التحرير في كل من تونس والمغرب، و1962 التي توافق استقلال آخر دول منطقة المغرب العربي وهي الجزائر عن فرنسا. وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإيطالية، فإن مسؤولين فرنسيين، أعطوا الضوء الأخضر لإنشاء نصب تذكاري جديد، سيقام بجوار مبنى "فال دي مارن" على قطعة أرض تمتلكها مدينة كريتيه الواقعة بالضواحي الجنوبية الشرقية من العاصمة باريس، تخليدا لأرواح 273 جندي من منطقة "فال دي مارن"، ممن تجندوا في صفوف الجيش الاستعماري، وسقطوا في حروب شمال إفريقيا، على أن يدشن هذا النصب بصفة رسمية شهر أكتوبر المقبل. ويعتبر اتحاد النصب التذكارية وحدة من المؤسسات الفرنسية، التي كانت على مدار السنوات القليلة الأخيرة مثار جدل كبير على المستويين التاريخي والسياسي في كل من فرنساوالجزائر، وذلك منذ عام 2004، التي شهدت تشييد أول نصب تذكاري لتخليد أرواح الجنود الفرنسيين الذين قتلوا في حرب التحرر من الاستعمار الفرنسي في شمال إفريقيا، وهو القرار الذي خلف يومها احتجاجات واسعة من قبل سياسيين ومؤرخين في كل من الجزائروفرنسا، رأوا في هذا التخليد نوعا من التمجيد لممارسات لا إنسانية، كما تنص على ذلك الأعراف الدولية، ينبغي التنديد بها، خاصة وأن ممارسات مشابهة، كانت قد لقيت الشجب والاستنكار، بل تم اعتبارها جرائم ضد الإنسانية، كما هو الحال بالنسبة لما تردد عن مجازر "الهولوكوست" التي قام بها النازيون ضد اليهود في ألمانيا، بالرغم من أن الكثير من المؤرخين النزهاء شككوا في صدقيتها. ومن شأن قرار إنشاء هذا النصب أن يثير المزيد من الجدل بين الجزائر وباريس، خاصة وأن الأمر يتعلق بواحدة من أكثر القضايا حساسية في ملف العلاقات الثنائية، التي يؤمل في أن تكون زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي للجزائر الشهر المقبل، والتي تعتبر الأولى من نوعها منذ اعتلائه سدة قصر الإيليزي، محطة هامة ومصيرية في تصفية الأجواء، التي تلبدت في السنوات الثلاث الأخيرة. محمد مسلم