تعرّض النصب التذكاري "كي برانلي"، المخلد لحرب الجزائر (الثورة التحريرية)، الواقع بالمقاطعة الباريسية السابعة، للتخريب أول أمس الثلاثاء، بحسب ما أوردته مصالح وزارة قدماء المحاربين الفرنسيين، التي أدانت الحادثة ووصفتها ب "العملية المسيئة لذاكرة المحاربين الفرنسيين". وأوضح بيان لوزارة قدماء المحاربين الفرنسيين، وزع على الصحافة الفرنسية أن "النصب التذكاري المخلد لحرب الجزائر ومعارك تونس والمغرب، تعرض للتشويه"، من دون توضيحات أكثر. وعبر كاتب الدولة الفرنسي لشؤون قدماء المحاربين، ألان مارليكس، عن استيائه مما وصفه بالإهانة التي تعرضت لها الذاكرة الفرنسية، جراء هذا العمل، الذي اعتبره "إساءة لذاكرة 22 ألف محارب فرنسي سقطوا في ميدان الشرف"، في إشارة إلى الجنود الذين قضوا في حرب تحرير المستعمرات الفرنسية السابقة بمنطقة المغرب العربي، مشيرا إلى أن تحقيقا سيتم مباشرته للوقوف على حقيقة ما تعرض له. ويتكون النصب التذكاري، من أعمدة تحمل أسماء الجنود الفرنسيين الذين قضوا خلال الثورة التحريرية وفي حرب استقلال كل من تونس والمغرب، إضافة إلى لوحة تم إتلافها، الأمر الذي يستدعي استبدالها. وقد تم تشييد هذا النصب في الخامس من ديسمبر 2002، من قبل الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك. ويعتبر تشييد هذا النصب التذكاري، البداية الفعلية للنزاع بين الجزائر وفرنسا حول الماضي الاستعماري، حيث شهد حفل تشييده، الكشف عن أرضية مشروع قانون 23 فبراير 2005، من قبل نائبين من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، الذي يترأسه الرئيس الفرنسي الحالي، نيكولا ساركوزي، وهما جون ليونيتي، وفيليب دوست بلازي، الذي أصبح فيما بعد وزيرا للشؤون الخارجية في حكومة دومينيك دوفيلبان الأخيرة. ويرفض قسم كبير من الفرنسيين، لاسيما المتشبعين بالأفكار اليسارية منهم مناضلو الحزب الإشتراكي والحزب الشيوعي والخضر، تشييد النصب التذكارية، المخلدة لأرواح الجنود الفرنسيين، الذين قتلوا في المستعمرات الفرنسية السابقة، انطلاقا من اعترافهم بأن الماضي الاستعماري لفرنسا، ينطوي على أخطاء، بل مآسي، ينبغي على الدولة الفرنسية الاعتراف بها، غير أن اليمين ممثلا بالخصوص في حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الحاكم، والجبهة الوطنية الفرنسية، بزعامة جون ماري لوبان، المدعومان بقوة من قبل المرحلين من المستعمرات السابقة، ولاسيما من الجزائر، لا يصنفان الأعمال التي قام بها الجيش الاستعماري الفرنسي في خانة الأخطاء التاريخية، باستثناء التصريح الأخير لنيكولا ساركوزي خلال زيارته للجزائر، الذي وصف من خلاله النظام الاستعماري بغير العادل. وهي الخطوة التي تعتبر نقلة نوعية في الموقف الفرنسي من هذه القضية. محمد مسلم