إن الحديث عن فلسطين السليبة الحبيبة مؤلمٌ ومؤثر ومحزن جدا في نفس كل عربي ومسلم، واسمها المقدس الكريم الرنان في القلوب والأرواح والعقول.. بركانٌ ثائر وخامد في كل قلب عربي ومسلم وحرٍّ أبيٍّ في هذا العالم المليء بظلم وقهر جبروت محور الشر الأورو أمريكو- صهيوني المتغطرس.. واسم فلسطين والقدس والمسجد الأقصى وقبة الصخرة ومدينة خليل الرحمن ومدافن الأنبياء والمرسلين وكل ذرة من ترابها المكرم هو –والله- جزءٌ أصيل من كل كياني ومن لحمي ودمي الذي يسري في عروقي العربية الإسلامية الجزائرية الأصيلة، كما هو شأن مليار ونصف مليار من العرب والمسلمين المقهورين تحت ظل حكام الخيانة والخنوع والركوع والانبطاح العربي المشين.. هذا هو شعور وإيمان وعقيدة الأمة الإسلامية الصادق والحميمي والوفي إلى يوم الدين.. في وقتٍ يعمل فيه محور الظلم والقهر والجبروت الأورو أمريكو- صهيوني المتغطرس جاهدا وبكل ما أوتي من قوة وجبروت ومكر وبطش.. لإطفاء هذه الجذوة في قلوب وعقول ونفوس المليار ونصف المليار من العرب والمسلمين، ويعمل على خلق فرد ذليل خانع خاضع خائر.. مشغول بمشاكله الاجتماعية واليومية التي لا تنتهي، التي نصبها في طريقه حكامُ الذل والخنوع والتبعية والانبطاح.. لتسهيل مهمة ابتلاع آخر ما تبقى من حصون الممانعة العربية الإسلامية على ثرى فلسطين.. هذا المحور الذي سعى ويسعى منذ أكثر من ثلاثة قرون، ومنذ أن اصطحب الغازي (نابليون بونابرت 1769-1821م) كتيبة من اليهود لاحتلال مصر في حملته سنة 1798م وفي حملته على مدينة عكا سنة 1799م، والتي انهزم على أسوارها وعاد خائبا ذليلا هو وكتائبه من اليهود الغاصبين.. هو ذاته الذي تآمر على الدولة العثمانية وأضعفها ونعتها بالرجل المريض، وهو الذي بعث فيها يهود الدونمة تحت غطاءات (حزب الاتحاد والترقي) الذي فكك الدولة العثمانية من الداخل، وهو ذاته الحزب والقادة الذين كبلوا يد السلطان المجاهد (عبد الحميد الثاني 1842-1918م)، الذي رفض بيع فلسطين، وذلك للتخلص من شر ومكر وخبث اليهود الجاثمين على صدور الحياة الأوربية، وتمكينهم من فلسطين ليقيموا فيها شتاتهم بعد قتل وتدمير وطرد سكانها العرب والمسلمين بقوة الحديد والنار.. كما حصل في قمع الاحتلال البريطاني لثورة البراق سنة 1929م بقيادة الشهيد (عبد القادر الحسيني 1908-1948م)، واستشهاده في موقعة قرية القسطل، وثورة الأقصى المبارك تحت قيادة المجاهد الشهيد (عز الدين القسام 1300-1354ه 1883- 1935م) سنة 1935م التي استشهد فيها تحت قصف الطائرات البريطانية الغازية، وكما حصل في حرب 1948م، وتدمير وحرق فلسطين، وقتل وتهجير سكانها، وإعلان قيام دولة إسرائيل يوم 15/05/1948م تحت الحِراب البريطانية، وتأييد محور الشر الأورو أمريكو- صهيوني المتغطرس لها بالمال والعتاد والسياسة والدبلوماسية والخبراء والرجال.. وكما حصل في مجزرة (دير ياسين) و(بئر السبع) و(قلقيلية).. وكما حصل في حرب 1956م والعدوان الثلاثي، وفي حرب الأيام الست شهر حزيران 1967م.. إلى أن مكنت اليهود الغاصبين من إنشاء كيانهم التوراتي المزعوم. وبعد أن مكّن لها محور الشر واستقامت على سوقها، ظلت دولة الكيان اليهودي الغاصب تتابع المهمة حتى مع من هرب من الفلسطينيين ولجأ إلى الدول العربية، وما معركة الكرامة سنة 1968م، وأحداث أيلول الأسود سنة 1970م، وما اجتياح جنوبلبنان سنة 1978م ومحاصرة المخيمات في الحرب اللبنانية الأهلية سنة 1976م وحرب المخيمات والعمل على تصفية القضية الفلسطينية، ومحاصرة بيروت سنة 1982م وإخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت، وحروب المخيمات في طرابلس سنة 1983م بالوكالة العربية، وقمع انتفاضة الأقصى الأولى سنة 1987م بعد مؤتمر عمان العربي الانهزامي، وانتفاضة الأقصى الثانية سنة 2000م.. وملاحقة قادة ورموز الثورة الفلسطينية في العالم العربي واغتيال قادة الثورة الفلسطينية في لبنان سنة 1974م (كمال ناصر، وكمال عدوان وغسان كنفاني)، واغتيال (أبو إياد وأبو جهاد) في تونس سنة 1988م.. وتصفية مخيم جنين، وملاحقة قادة حماس والجهاد الإسلامي (فتحي الشقاقي) والشيخ (أحمد ياسين) و(عبد العزيز الرنتيسي).. وغيرهم إلاّ إحدى الصور البشعة التي بنى بها هذا العدو الغاصب دولته المزعومة بمباركة محور الشر ومساعدته.. على حساب وسعادة أصحاب الأرض الأصليين، دون أن ننسى حصار غزة والحروب الآثمة التي شُنَّت عليها خلال العقود الثلاثة الأخيرة. وعوض أن يسعى العالم والمجتمعُ الدولي ومنظماته وهيئاته المنافقة والكاذبة والمحتالة.. إلى إحقاق الحق ومساعدة الشعب الفلسطيني المظلوم والمطارَد والمنزوع الحق والأرض، وحمايته وتأييده والوقوف معه لاسترجاع حقه وأرضه المغصوبة.. اختار أن يغمس رأسه في التراب، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل –للأسف الشديد- تبعت الأنظمة العربية العميلة خطى محور الشر الأورو أمريكو- صهيوني المتغطرس، وأعلنت براءتها وتملصها من فلسطين وسائر قضايا العرب والمسلمين، وصارت تؤيد كل مشروع يأتي به هذا المحورُ الظالم، مع علمهم أنه لا يضمن أدنى حقوق الشعب الفلسطيني الأعزل والمقهور، بل هي تعلم علم اليقين أنه يُمَكِّنُ لليهود الغاصبين في مزيد من السيطرة والاستيلاء على أرض فلسطين، واستذلال من بقي متشبِّثا بأرضه ووطنه.. ولنا أن نستعرض مشاريع التسوية الأممية بدءاً من مشروع روجرز سنة 1972م، ومشروع (قونار يارينغ) ومشروع الأمين العام للأمم المتحدة (يوثانت) وصولا إلى مشاريع (بطرس غالي) و(كوفي عنان) الفارغة من الحديث عن حقوق الشعب الفلسطيني.. وقرارات مجلس الأمن رقم (338) و(424) وغيرها من مئات القرارات الفارغة.. كالقرار (180) الصادر عن الأممالمتحدة سنة 1947م القاضي بتقسيم فلسطين إلى منطقتين عربية ويهودية، والذي لم يجد له أي تطبيق في الواقع.. ومبادرة السلام العربية (القمة العربية ببيروت 2002م) ومشروع التسوية المسمى بمشروع (فاس) واتفاقات (مدريد 1992م) و(أوسلو 1993م).. التي ظلت وستظل حبرا على ورق.. لأن الغرض منها هو إلهاء الشعوب العربية وربح المزيد من الوقت والرهان على الضعف والتشتت العربي والإسلامي. واليوم يأتي مشروع الرئيس الغريب الأطوار (ترامب) المنعوت ب(صفقة القرن) التي أيدها الخونة العرب من دون تردد، بل سعوا إلى دفع الفلسطينيين إلى القبول بها كمكسبٍ استراتيجي للعرب وللفلسطينيين.. الذين يُفترض فيهم الوقوف بجانب إخوانهم الفلسطينيين من جهة، والوقوف لحماية مقدساتهم ودينهم من جهة أخرى، إلاّ أنهم –للأسف الشديد- اختاروا الاصطفاف مع محور الشر الأورو أمريكوصهيوني المتغطرس.. الذي يحمي عروشهم وممالكهم ودولهم الهشَّة.. وهم يعلمون أنه مجرد خدعة جديدة لربح مزيد من الوقت، ريثما يتم تدجين من تبقى صامدا ومقاوما من الشعوب والحكومات العربية والإسلامية.. ولا يسعنا في هذا المقام إلاّ أن نتوجه إلى من بقي حيا من الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية، لنقول لهم: أيها العرب والمسلمون: هل بقي لكم شيءٌ من الكرامة تقابلون بها شعوبكم الأبيَّة المقهورة على حالها؟ وهل بقي لكم من الدين تتوجهون به إلى ربكم؟ هل بقي لكم شيءٌ تحتمون به من لعنات الأجيال القادمة؟ وهل تركتم غير الخيانة والانبطاح والذل لصفحات التاريخ؟ أعتقد لا، وألف لا.. في ظل التخاذل والذل والشتات العربي والإسلامي.. فهل يمكننا أن نتوجه بنداء إلى الجمهورية التركية وريثة الخلافة والسلطنة العثمانية، والتي كانت آخر دولة وخلافة إسلامية سقطت وضاعت من يدها فلسطين سنة 1917م بعد تآمر وغدر عرب ممالك الخيانة بها فيما سُمِّي بالثورة العربية الكبرى.. أن تسعى جاهدة مع من بقي حرا أبيا من العرب والمسلمين كالجزائر وتونس وماليزيا وإندونيسيا وباكستان وإيران ونيجيريا ومسلمي الهند وبنغلادش.. ومع من بقي حرا ومخلصا ووفيا لمبادئ حق الشعوب في الحرية والكرامة وتقرير المصير وتصفية الاستعمار كجنوب إفريقيا والأرجنتين ودول أمريكا الوسطى والدول الاسكندنافية.. لشد أزر إخوانهم الفلسطينيين، والتهوين عليهم من هذه الفقاعة الترامبية التي تشبه غيرها وسابقاتها عبر قرن من الاحتلال، والتي ستتحطم إن شاء بفضل صمود المؤمنين بالله ورسوله ودينه ووعده الصادق.. بأن القانون الإلهي الصارم يقضي بأن الأرض يرثها عباد الله الصالحون.. وليعلموا أن محور الشر الأورو أمريكو- صهيوني المتغطرس.. آيلٌ لا محالة إلى الانهيار والسقوط والتراجع أمام قوة واندفاع القوى الاقتصادية الكبرى من مجموعة (البريكست)، وأن دورة الحضارة آذنت بسقوط هذا المحور الظالم، لأن دورة الحضارة محكومة بالسنن الإلهية، والفرصة سانحة في إقامة تحالفات جديدة مع مجموعة (البريكست) ومؤتمر الدول الإسلامية بقيادة (تركيا وإيران وماليزيا والجزائر..)، ومحاولة ترميم البيت العربي والإسلامي، وتناسي الخلافات الداخلية، وذلك بهدف تمكين إخوانهم الفلسطينيين على المديين القريب والبعيد من إعادة إحياء جذوة وحرارة ودفء الصمود في وجه (صفقة القرن)، التي سيكون مكانها مزابل التاريخ الهمجي الوندالي المتوحش، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز..