تأجيل المنافسات الرياضية، ومنها الألعاب الأولمبية المبرمجة في العاصمة اليابانية طوكيو، إن تواصل دمار كورونا بنفس الشكل إلى غاية شهر جويلية القادم، سيعني تدمير الحياة الرياضية لبعض الأبطال الذين لا تسمح أعمارهم بالبقاء لعدة سنوات في قمة العطاء، وهناك أندية كانت في نهاية شهر فيفري الماضي على بعد دقائق من حصولها على الألقاب ولاعبين في طريقهم لحصد لقب شخصي أفنوا عمرهم الكروي والرياضي من أجله، ولكن كورونا زلزلت طموحهم، وعندما تعود المنافسة التي لا يعلم أي كان في العالم موعد عودتها، سيجدون أنفسهم في حالة بدنية وفنية أخرى. عندما بعث الفرنسي جول ريمي رفقة العديد من الشخصيات في العالم منافسة كأس العالم بداية من سنة 1930 التي انتظمت نسختها الأولى في دولة أورغواي، كان الهدف في أن تجتمع المنتخبات العالمية من القارات الخمس في كل أربع سنوات، من أجل التنافس على اللقب العالمي، ولا يمكن لأي لاعب كرة مهما كان مستواه ومهما بدأ صغيرا من لعب أكثر من أربعة كؤوس للعالم، كما حصل للظاهر البرازيلية بيلي الذي لعب أول مونديال سنة 1958 في السويد وعمره 17 سنة، ثم تواجد مصابا في مونديال 1962 في شيلي وقد بلغ سن ال 21 وأصيب أيضا في قلب مونديال إنجلترا سنة 1966 وكان في قمة عطائه في ال 25 سنة، ولعب مونديال المكسيك 1966 وقد قارب الثلاثين، وأنهى مشواره بعدها بسبب تخمته من لعب مباريات كأس العالم. وإذا تأكد تأجيل الأولمبياد التي سيصعب حتى إيجاد صائفة أخرى لتنظيمها سيضيّع المئات من الرياضيين فرصتهم، ومنهم الجزائري توفيق مخلوفي بطل ال 1500 متر الذي منح الجزائر ذهبية أولمبية في لندن 2012 وفضيتين في البرازيل 2016 ويطمح أن يتوج ولو ببرونزية في أولمبياد 2020 في طوكيو بعد أن يكون في زمن الأولمبياد قد بلغ سن ال 32 وثلاثة أشهر، ويعلم مخلوفي وقالها بنفسه بأنها آخر فرصة له للظهور في الأولمبياد، وتأخير المنافسة لسنة واحدة فقط قد يعني توقفه واعتزاله الرياضة التي منح بها للجزائر في السنوات الأخيرة الألقاب الوحيدة، وكان فعلا الشجرة التي تغطي غابة الإخفاق. منافسة كأس العالم لكرة القدم بدأت في سنة 1930 في الأورغواي وفاز بها البلد المنظم في مباراة نهائية أمام الأرجنتين، وفازت إيطاليا بتنظيم الكأس الثانية 1934، وفازت بها أيضا أمام تشيكوسلوفاكيا بهدفين مقابل واحد بعد الوقت الإضافي، ثم انتقل المونديال إلى فرنسا سنة 1938 وفازت بها إيطاليا أمام المجر برباعية مقابل هدفين، لتفعل الحرب العالمية فعلتها وتمنع عشاق الكرة من التمتع بالمونديال لنسختين كاملتين أي 1942 1946، أي إن العالم عاش من دون مونديال لمدة 12 سنة تحطمت فيها حياة نجوم كرة ومنهم البرازيلي الذي كان أول من أطلق عليه لقب الجوهرة السوداء وهو ليونيداس داسيلفا الذي فاز بلقب الحذاء الذهبي في مونديال 1938 بتسجيله سبعة أهداف، وقيل حينها بما أنه لاعب شاب، بأنه سيفجر طاقاته في مونديال 1942 وحتى في مونديال 1946، ولكن المونديال وحتى عدم احترافه في أوربا في زمن الحرب العالمية الثانية جعل الجوهرة السوداء تختفي نهائيا وتوفي في سنة 2004 بمرض الزهايمر، وعنما عادت كأس العالم سنة 1950 والتي لعبت في البرازيل كان النجم الظاهرة ليونيداس داسيلفا قد تجاوز الأربعين وتابع المونديال وبكى خسارة البرازيل بثنائية في آخر مباراة أمام أورغواي في مباراة حضرها 200 ألف متفرج في ملعب ماراكانا وكان إلى جانبهم النجم الكبير وهو في ربيعه الثاني والأربعين، كما ضيع التألق نجوم آخرون بسبب الحرب العالمية الثانية ومنهم الإيطالي سيلفيو بيولا والمجري غيورغي شاروشي. يذكر أن ليونيداس داسيلفا ولد في سنة 1913 شارك في مونديال 1934 ولم يوفق إطلاقا في التألق، وكان في مونديال 1938 في فرنسا الذي فاز فيه بلقب الهداف في الخامسة والعشرين، وتمنى اللعب في مونديال 1942 في الواحد الثلاثين من العمر، وحتى المونديال الذي بعده ولكن الحرب العالمية بخرت نهائيا أحلامه. عمر لاعب الكرة قصير جدا، وإذا تواصل قصف كورونا في مختلف القارات وتواصل التأجيل والإلغاء للمنافسات الكبرى لبضعة أشهر، فستكون نهاية العديد من النجوم خاصة الذين هم على مشارف الاعتزال ومنهم النجمان رونالدو وميسي، ولكن هذه المرة ليس بسبب الحرب وإنما بسبب الوباء القاتل والمخيف. ب.ع