تحدث المجاهد ووزير المجاهدين الأسبق إبراهيم شيبوط، في "منتدى الشروق"، بتواضع وثقة كبيرة وأحيانا أخرى بتحفظ وتردد عن جوانب من ثورة التحرير "حساسة" باعتباره أحد الفاعلين والحاضرين في وقائع مفصلية، لعل أهمها مرافقته للشهيد زيغود يوسف، حتى أنه رفض تدوين كل مذكراته لما تحمله من أحداث وحقائق كبيرة قد تضعه في مواجهة هذا أو ذاك، كما استحضر مشاهد أخرى من جزائر الاستقلال، وخاصة الأحداث التي تلت عودة محمد بوضياف، وطريقة تعامله مع الملفات الكبرى، ومنها ملف المجاهدين المزيفين، ووضعية قطاعي التربية والصناعة، في حين أبدى محاذيره من التساهل في كتابة تاريخ الثورة ونقل وقائعها بأمان، وعدم تفاؤله بزيارة الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إلى الجزائر نهاية الأسبوع الجاري، مشيرا الى أن جرح الجزائريين الغائر لا تملؤه ولا تداويه اعترافات واعتذارت جلادي الأمس. وفي هذا السياق، استغرب المجاهد ووزير المجاهدين الأسبق، إبراهيم شيبوط، الأسباب الحقيقية وخلفيات الزيارة التي يجريها الرئيس الفرنسي الاشتراكي اليوم وغدا إلى الجزائر، مؤكدا أن هذه الزيارة غير مرحب بها، خاصة وأن مواقف باريس تجاه الجزائر وقضاياها معروفة، معتبرا إعادة فتح قضية رهبان تبحيرين وتداعياتها مناورة فرنسية مكشوفة للبزنسة وابتزاز الجزائر مرة أخرى عشية زيارة الرئيس الفرنسي. وقال إبراهيم شيبوط، متحدثا عن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي، فرانسوا هولند، "لماذا يزور الرئيس الفرنسي الجزائر في هذه الفترة بالذات؟ وما هي الدوافع والأسباب الحقيقية، مع العلم أنه غير مرحب به في الجزائر، كما أن الوقت غير مناسب لهذه الزيارة"، ويضيف "قبل أيام فقط وجهوا لنا أبخس الشتائم، واليوم يقوم الرئيس فرانسوا هولند بزيارة دولة الى بلادنا". وأوضح المجاهد بأن تنظيم هذه الزيارة تحت شعار "تحسين العلاقات بين البلدين" لا أساس له من الصحة، لأن فرنسا تسعى فقط وراء مصالحها الاقتصادية، ولا تأبه لتحسين علاقتها خارج هذا الاطار. وأكد، ووزير المجاهدين الأسبق، أن اعتراف الرئيس الفرنسي بالمجازر التي ارتكبتها فرنسا في حق الجزائريين في ال17 أكتوبر 1961 مجرد مناورة. واعتبر أن إقدام الرئيس الفرنسي فرانسوا على الإقرار بالهمجية التي واجه بها "البوليس" الفرنسي المظاهرات السلمية ما هي إلا "كذبة" كبرى ولا ينبغي للجزائريين تصديقها، ولا للدولة الجزائرية الدخول في متاهات هذه الكذبة التي تهدف إلى التغنج لتحقيق مصالح اقتصادية لا غير. وتابع ابراهيم شيبوط قائلا "الجرح كبير والحقد الموجود بين الشعب الجزائريوفرنسا لا يمكن لأي اعتذار أن يمحيه مهما طال الزمان وتعاقبت الأجيال، كما أنني لا أعتقد أن اعتذار فرنسا سيشفع لها أمام الجرائم التي ارتكبتها في حق الجزائريين طيلة 130 سنة من الاستعمار" ليؤكد أنه، "من المستحيل ستحيل ان تحقق فرنسا مطلب الاعتذار للجزائريين". وأوضح إبراهيم شيبوط الذي شغل منصب وزير المجاهدين في الفترة الممتدة من 1991 الى 1994، أن الجزائريين سينظرون دائما الى فرنسا على أنها دولة استعمارية ولن تتغير نظرتهم اليها. وتطرق ابراهيم شيبوط الى قضية اغتيال رهبان تيبحيرين، التي مازالت ترهن مسألة الثقة بين السلطات الجزائرية والفرنسية، لأنها تشكك في نزاهة الموقف الجزائري وتطعن في سمعة الجيش الجزائري، وتعتبر تدخلا سافرا في الشأن الداخلي، وخرقا لميثاق المصالحة، حيث تصر السلطات الجزائرية على رفض الطلب الفرنسي المتمثل في الترخيص لقاضي التحقيق الفرنسي المختص في مكافحة الإرهاب للدخول إلى الجزائر تنفيذا لإنابة قضائية سبق وأن أصدرها، للتحقيق في القضية، حيث قال في هذا السياق "ما مبرر بقاء الرهبان الفرنسيين في مناطق جبلية ومعزولة كتلك بعد الاستقلال، خاصة وأن تلك الفترة تزايدت فيها حدة النشاط الإرهابي"، مشيرا إلى أنهم كانوا يقيمون في تلك المناطق في إطار نشاطهم التبشيري، في إشارة إلى وجوب تحمل مسؤوليات قرار بقائهم هناك، على غرار باقي المواطنين. . "علي كافي قال لي لم تعطني حقي في كتابك عن زيغود يوسف" قال ضيف "منتدى الشروق"، ابراهيم شيبوط، متحدثا عن كتابة التاريخ، انها قضية جد مهمة وصعبة، فلا يمكن إسناد هذه المهمة الحساسة لأي شخص، حيث يقتضي ذلك تأسيس لجنة خاصة تتكون من محررين ومختصين وعارفين بحقائق تاريخ الثورة التحريرية. وذكر الوزير الأسبق أن رئيس المجلس الأعلى للدولة، علي كافي، أثناء تفكيره في كتابة مؤلفه، قام في البداية بتكوين لجنة من الصحفيين والمهتمين بالتاريخ المشهود لهم، وكنت واحدا منهم، وقمنا بعدها بعقد إجتماع لمناقشة الأمر، وأذكر أنني قتلت في تلك المناسبة "أنه لا ينبغي أن نسند مهمة كتابة التاريخ لأشخاص غير مؤهلين، ويجب أن يشرف على ذلك شباب مثقف من العارفين بأمور التاريخ ومختصين وباحثين يكونون بمثابة قضاة تحقيق، يشرفون على مهمة التحقق من الشهادات التي يسمعونها، خاصة وأن غالبية من يروي هذه الشهادات لا يقرأون ولا يكتبون، كما أنه كل ما يقال يجب أن يخضع للتحقيق والتصحيح، لأن كتابة التاريخ من أصعب الامور". وأضاف الوزير، إبراهيم شيبوط، متحدثا عن كتابه "زيغود يوسف.. الذي عرفته" قائلا "بعض الأصدقاء أخبروني أن علي كافي لم يكن راضيا عن الكتاب لأنني لم أذكره بإسهاب في المؤلف رغم أنه لم يقلها لي صراحة"، مشيرا الى أن "التاريخ يجب أن يكتب بموضوعية حتى لا نغرقه في الذاتية ولا في نزواتنا حتى تقرؤه أجيال الاستقلال كما هو، لا كما يريده أي طرف آخر". . قاطعت حفل افتتاح الخمسينية لانها ليست طريقة نكرم بها الشهداء انتقد ضيف فوروم "الشروق"، إبراهيم شيبوط، الطريقة التي اعتمدتها الجهات المختصة في الدولة للاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال، مؤكدا أنه قاطع حفل الافتاح بمسرح الهواء الطلق بسيدي فرج. وقال شيبوط "قاطعت حفل افتتاح فعاليات الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال الذي احتضنه مسرح الهواء الطلق بسيدي فرج في 4 جويلية الماضي، ولست راضيا عن كل هذه الفعاليات والاحتفالات، لأنها لا تليق بتضحيات الشهداء، كما أنها ليست الطريقة المناسبة للاحتفال بهذه الذكرى". وتابع ابراهيم شيبوط قائلا "كان من المفروض أن نبدأ بالرجال والنساء من الذين شاركوا في الثورة للظهور والحديث عنهن لانهم أحق وأولى بذلك". . "لن أكتب كل مذكراتي لأن قول الحقيقة من أصعب الأمور" استبعد وزير المجاهدين الأسبق، ابراهيم شيبوط، إمكانية إصدار مذكرات عن كل ما عايشه كفاعل في الثورة، على غرار ما بادر به العديد من رموز ثورة نوفمبر، قائلا "لن أكتب مذكراتي، لأن قول الحقيقة من أصعب الأمور". وقال شيبوط معلقا عن مذكرات العقيد الطاهر زبيري والرئيس الأسبق الراحل، الشاذلي بن جديد، قائلا "لا أريد الدخول في صراع مع أية جهة"، في إشارة إلى اطلاعه المباشر على حقائق كبيرة وهامة. ورد وزير المجاهدين الأسبق عن سؤال حول غيابه عن الساحة الإعلامية عكس العديد من الثوريين والساسة الذين يظهرون مرة من إجل مطالبة فرنسا بالاعتذار منها "تارة" وتبادل الشتائم فيما بينهم تارة أخرى قائلا "لا أريد الدخول في أي صراع ومع أي شخص أو جهة". . الشهيد زيغود يوسف لم يأخذ حقه لا إعلاميا ولا سينمائيا زيغود رمى أفرشتنا ومنع التدخين ليعلمنا الصبر على قساوة الجبل الاستعمار لم يعلم بأن من قُتل هو زيغود.. والشعب انتفض بعد استشهاده تأسف المجاهد إبراهيم شيبوط لحرمان الشهيد زيغود يوسف من حقه في الجزائر المستقلة، لا إعلاميا ولا سينمائيا. وحمّل رفقاءه ومن عرفه عن قرب كامل المسؤولية. كما أكد أن شخصية الرجل وصرامته حققت إجماعا شعبيا كبيرا حوله، حتى انه وبعد استشهاده خرج سكان الشمال القسنطيني منتفضين فاقدين الثقة في من بقي، حيث اضطر رفقاؤه إلى لقائهم وبذل جهد لإقناعهم. وقال وزير المجاهدين الأسبق أن بعض تصرفات الشهيد زيغود يوسف تغيرت بعد عودته من مؤتمر الصومام بايفري، وتابع "كان زيغود يوسف والبشير بوقادوم يعملان معا، وأنا حولت إلى "زقار" وأخبروني بان زيغود يريد طلبني في مشتة "الزامان". وهناك كلفني بالتكفل بالطلبة المغادرين لمقاعد الدراسة والقادمين من العاصمة، وهم لمين خان/ طب، وبابا أحمد عبد الكريم/ آداب، ومحمد الطاهر شقيق العربي بن مهيدي/ أدب فرنسي، وفرحات من بريك/ رياضيات". وأضاف في نفس السياق "كان زيغود يوسف يعلمنا الصبر وتحمل الظروف القاهرة حيث رمى الأفرشة وعوضها بلحاف رقيق". وعن تفاصيل مؤتمر الصومام قال الضيف "كان من المزمع أن يتم الاجتماع في كاتينا، ثم رجعنا إلى دشرة بوزعرور حيث حضرنا للحدث وخزنا ما يكفي من المواد الغذائية. اقترحوا فيما بعد منطقة المشروحة، ثم حول إلى منطقة ايفري بسبب موقعها الاستراتيجي الهام. توجه زيغود يوسف إلى مؤتمر الصومام مع سي بوطبال وإبراهيم مزهودي، ومكث هناك حوالي شهر، وعندما رجع كان أكثر ثقة في أن النصر قريب وكان على يقين بأن الثورة ستنجح، فيما سمح لنا بالتدخين بعد أن كان قد منعه سابقا". وكشف في معرض حديثه عن ظروف استشهاد زيغود يوسف، لأوضح بأنه "زار عائلته التي كانت في حالة فرار من الاستعمار، لأن ابنه كان مريضا ومكث هناك ثلاثة أيام. وكان من المفروض أن يغادر في 22 سبتمبر ولكن جولته التفقدية عطلته. وفي 23 سبتمبر كنت مع صالح العوجة وسي علي كافي عندما جاءنا خبر استشهاده، والاستعمار الفرنسي نفسه لم يكن يدري أنه قضى على سي أحمد ". . بوضياف أغضب الجميع عندما قال "الصناعة فيراي والمدرسة أنقاض" محمد بوضياف كان سيفصل في ملف المجاهدين المزيفين اغتنمنا فرصة اللقاء مع وزير المجاهدين الأسبق، إبراهيم شيبوط، الذي كان أحد المبعوثين إلى الرئيس الراحل، محمد بوضياف عندما كان لاجئا في المغرب، وأيضا واحدا من الحاضرين في آخر زيار له الى عنابة، حيث اغتيل الرئيس الراحل، رحمه الله. قال شيبوط "توجهنا أنا وعلي هارون وخالد نزار إلى منطقة صالي، قرب الرباط، لمرافقة عودة بوضياف إلى الجزائر، وجدناه هو وصهره، شقيق زوجته، وأحمد جبار، الذي أصبح وزيرا للتربية، وهو أحد مؤسسي حزب بوضياف، حزب الثورة الأشتراكية". وعن زيارة بوضياف لمدينة عنابة، يضيف المتحدث "بصفتي وزيرا للمجاهدين كنت ضمن الوفد الوزاري الذي رافق الرئيس الراحل، محمد بوضياف، وكنت في الصف الأول، لكني لم أصب بجروح، أصيب كل من وزير الطاقة والمناجم وصالح بوشقوف". وقال انه فتح مع بوضياف ملف المجاهدين المزيفين وأن بوضياف بدأ عهدته بتوجيه انتقادات لاذعة لكل القطاعات في الجزائر، فقد وصف الصناعة ب "لافيراي" والمدرسة ب"المحطّمة"، ولم يكن يكف خلال أي لقاء عن النقد اللاذع والسلبي، ليس من حقه أن يقدم كل تلك الانتقادات". . بن بلة هو من حدد 5 جويلية تاريخا لاستقلال الجزائر أكد المجاهد، ابراهيم شيبوط، أن الرئيس الراحل، أحمد بن بلة، هو من حرص على تغيير تاريخ الاستقلال، وأن تاريخ 5 جويلية الذي يمثل أيضا تاريخ الاحتلال سنة 1830 لم يكن مطروحا إلا على لسانه. واعتبر كل التجاوزات التي عاشتها الجزائر بعد الاستقلال هي حالة طبيعية جدا، وأن كل ثورات العالم انتهت اإلى نتائج مماثلة.