أكد الخبير الطاقوي بوزيان مهماه، بأن ما عبرت عنه المجموعة الإسبانية "ناتورجي إنرجي" بفك صفقات التموين بالغاز مع سوناطراك واللجوء إلى التحكيم الدولي، مجرد رد فعل تجاه التداعيات الاقتصادية الوخيمة لأزمة جائحة كورونا على وضعيتها المالية التي تراجعت كثيرا خلال الربع الأول من هذه السنة. وأضاف مهماه في تصريح ل"الشروق" بأن ما يثار من نقاط خلافية بين المجموعة الإسبانية "ناتورجي إنرجي" والشركة الوطنية سوناطراك لن تدفع الطرف الإسباني للتوجه إلى التحكيم أصلا، مضيفا "في تقديري، على الأقل، لن يكون هناك حديث فعلي عن اللجوء إلى التحكيم في الوقت الحالي، لإدراكي بأن الطرف الإسباني يبحث عن فرقعة إعلامية يمارس من خلالها الضغط على الطرف الجزائري". وقال مهماه إن سوناطراك تحوز 7 حجج، تجعلها تنتصر ضد إينرجي، واستحضر مهماه قضية توتال الفرنسية وكيف تمّت تغذيتها إعلاميا بما شكل كابوسا حقيقيا للرأي العام الوطني، قائلا: "لنتذكر كيف انتهت كمكسب جزائري متميز". وربط مهماه ذلك بوجود عقد وقعته شركة "ناتورجي إنرجي" الإسبانية مع سوناطراك لمدة 10 سنوات يمتد إلى غاية سنة 2030، يتم بموجبه توريد كميات من الغاز إلى إسبانيا تقدر ب8 ملايير متر مكعب سنويا في إطار تجديد عقود توريد الغاز مع مختلف الشركاء الأوروبيين، وهي عقود تقوم على قاعدة موجبة للامتثال لبند متفق عليه "استلم أو أدفع". كما أكد الخبير أن هذه العقود تسمح بإجراء مراجعة إضافية، فيما يتعلق بالأسعار المرجعية المتعاقد حولها، وهي في الغالب مراجعات عادية تتم كلّ 3 سنوات، ونحن الآن لم نتخط بعد حتى العام الأول من حياة تجديد العقد. ويشدد مهماه أنه في العشرية الأولى من شهر مارس، ومع بداية تفجر وضع جائحة كورونا وتمددها في إسبانيا، جرى التوقيع على اتفاقية بين شركة سوناطراك والشركة الإسبانية للغاز "ناتورجي"، يقضي باستثمار قدره 67 مليون أورو في الجزائر، ما سيسمح برفع صادرات الجزائر نحو إسبانيا ب2 مليار متر مكعب من الغاز سنويا بداية من سنة 2021 مع استهداف الوصول إلى 16 مليار متر مكعب سنويا سنة 2031. وكحجة خامسة لصالح الطرف الجزائري، يجزم مهماه أنه منذ أسابيع قليلة فقط، تمكنت الشركة الوطنية سوناطراك والمجموعة "ناتورجي إنرجي" الإسبانية من التوصل إلى إتمام الصفقة التي جرى الاتفاق حولها في شهر أكتوبر من السنة الماضية، والتي بموجبها ترتفع نسبة المساهمات لتصبح حصة سوناطراك 51 بالمائة، بينما ستملك ناتورجي الحصة المتبقية البالغة 49 بالمائة في خط أنبوب "ميدغاز" الذي ينقل الغاز الطبيعي من الجزائر إلى إسبانيا، وستدفع ناتورجي الإسبانية قيمة 445 مليون أورو مقابل الاستحواذ على حصة ال34 بالمائة التي كان يحوزها الشريك السابق الذي خرج من العقد. وذهب مهماه أبعد من ذلك مؤكدا أن إسبانيا كدولة، أو شركتها "ناتورجي إنرجي" كمؤسسات طاقوية، لن تجازف للتفريط في أمنها الطاقوي وفي استدامة الإمدادات، خاصة أن "أمن الطاقة" بالنسبة لفضاء الاتحاد الأوروبي، اتجه في توسعة مفهومه ليقوم على تصور استراتيجي يتوخى "الحصول على موارد طاقوية كافية ومتنوعة وسهلة الوصول". وقال مهماه إن الإمدادات تصل الإسبان من الجنوب الجزائري وبالكميات التي يرغبون فيها في أقل من 24 ساعة، بينما في حالة مجازفتهم لإدارة ظهرهم لهذا الخيار الآمن والمستدام، فإن أحسن فرصة متاحة لهم ستأتي من الغاز المسال النيجيري الذي يستغرق وصوله إلى السواحل الإسبانية من 7 إلى 9 أيام بالتمام.