تسعى الشركة الوطنية للمحروقات، سوناطراك، خلال الفترة الأخيرة جاهدة، من خلال المشاورات التي أطلقتها مع زبائنها الأوروبيين من شركات إسبانية وإيطالية وغيرها، لإيجاد حلول ظرفية للأزمة المالية والنفطية الحادة التي خلفتها جائحة "كورونا"، دون المساس بمصالح الشركة الوطنية التي تضمنتها العقود المبرمة مع هذه الدول، والتي تمتص أسواقها أكبر حصة من الغاز الجزائري. وقال مسؤول بسوناطراك في تصريح ل"الخبر": "إن العقود المبرمة مع الشركاء الأوروبيين تضمن التكفل بالأزمات الطارئة وغير المتوقعة، والتي يصعب تحديد تاريخ زوالها مثل جائحة كورونا، وذلك من خلال إضفاء مرونة على الميكانيزمات المعمول بها، بعد التشاور بين الأطراف المتعاقدة لإيجاد الحلول الظرفية المناسبة لمعالجة الأزمة المالية التي خلّفتها الجائحة"، كما تسمح العقود المبرمة مع الشركات الأوروبية بمراجعة دورية للعقود كل ثلاث سنوات. واسترسل ذات المسؤول قائلا: "إن الظرف الحالي يحتم على الشركات النفطية التشاور فيما بينها لإيجاد الحلول التي تضمن مصالح جميع الشركات المتعاقدة". وحسب نفس المسؤول، فإن سوناطراك لن تسمح باستغلال الأزمة الحالية من طرف بعض الشركاء للمطالبة بمراجعة عقودها الغازية المبرمة". في السياق ذاته، أوضح ذات المتحدث أن سوناطراك ستعمل على إيجاد حلول ظرفية للتضامن مع زبائنها التقليديين في مواجهة مخلفات الأزمة المالية الحادة التي تسبب فيها وباء كورونا، لتعود بعد ذلك إلى العمل بما تضمّنته العقود المبرمة مع هذه الدول مع زوال الأزمة. *"ناتورجي إنرجي" استثمرت مع سوناطراك في أنبوب "ميدغاز" ولا يمكنها أن تضرب مصالحها وعمّا تداولته بعض وسائل الإعلام عن قضية لجوء الشركة الإسبانية "ناتورجي" إلى التحكيم الدولي لتجميد العقد الطويل الأمد الذي يربطها بسوناطراك، والذي بموجبه تتزوّد إسبانيا ب8 ملايير متر مكعب من الغاز الجزائري، أكد مسؤول سوناطراك بأنه ليس من مصلحة الطرف الجزائري ولا الإسباني المغامرة لتعكير العلاقة التاريخية التي تجمع الشركتين منذ أكثر من خمسين سنة. وكانت سوناطراك قد وقّعت على عقد مع شركة "ناتورجي إنرجي" لمدة عشر سنوات يمتد إلى غاية 2030، يتم بموجبه تموين السوق الأوروبي بالغاز الجزائري. وحسب نفس المسؤول، فإنه ليس من المعقول أن تتجه الشركة الإسبانية إلى تجميد عقد تموينها من الغاز الجزائري، وهي شريكة لسوناطراك بنسبة 49 بالمائة في أنبوب نقل الغاز إلى إسبانيا "ميدغاز" الذي تملك فيه سوناطراك حصة بمعدل 51 بالمائة. وتساءل ذات المسؤول قائلا: "كيف لهذه الشركة أن تفكر في تجميد عقدها مع الجزائر بعد أن شاركت سوناطراك في الاستثمار في أكبر مشروع يضمن لها أمنها الطاقوي؟". في سياق مغاير، استبعد ذات المسؤول أن تلجأ الشركة الإسبانية "ناتورجي" إلى التحكيم الدولي، وهي من سبق لها أن خسرت ما قيمته 2 مليار دولار في قضية رفعتها في المحاكم الدولية ضد سوناطراك، مشيرا إلى أن هذا المبلغ مكّن سوناطراك من حيازة حصص في هذه الشركة.
*تراجع حصة الغاز الجزائري في إسبانيا.. وضع ظرفي وبخصوص تقلص حصة الغاز الجزائري في السوق الأوروبي خاصة في الأشهر الأخيرة، أكد مسؤول الشركة الوطنية بأن الأمر يتعلق بظرف استثنائي تسببت فيه جائحة كورونا، بعد أن تهاوت أسعار شحنات الغاز المميع الأمريكي التي كانت موجهة لتموين الأسواق الأسيوية وحوّلت وجهتها لتسمح بتموين زبائن سوناطراك في أوروبا، ما تسبّب في إحداث تخمة في الأسواق الأوروبية، غير أن الوضع يتجه إلى الانفراج استنادا لنفس المسؤول، باسترجاع الجزائر حصتها في الأسواق الأوروبية، خاصة الإسبانية، بعد أن قرّرت الصين، أكبر مستهلك عالمي للنفط، استئناف عجلة الإنتاج والتصنيع. وفي الأخير، اتهم ذات المسؤول بعض وسائل الإعلام بمحاولتها ضرب مصداقية الجزائر والشركة الوطنية، من خلال الترويج لمعلومات مغلوطة تشكك في قدرة سوناطراك على الوفاء بالتزاماتها، رغم أنها تبقى البلد الوحيد الذي يضمن الأمن الطاقوي للدول الأوروبية من خلال أنابيب نقل النفط التي تربط الجزائر مباشرة بهذه الدول، وهو الأمر الذي لا يمنع، حسب نفس المسؤول، البلدان الزبونة للجزائر التفكير في تنويع مصادرها من التموين بالغاز والبترول بحثا عن تحقيق مصالحها، فالعلاقة مع هذه الدولة "تبقى تجارية بحثة"، يقول ذات المسؤول.