عادت قناة "الجزيرة الوثائقية" نهاية الأسبوع المنصرم، إلى فتح ملف الاستعمار وتصفح مسيرة كفاح ومقاومة الشعوب وإضافة إلى الجزائر و-لأن جميلة بوحيرد لم تكن الوحيدة في تاريخ دفاعاته- فقد كشف عن موقفه من القضية الفلسطينية وإسرائيل بطريقة ذكية وناعمة لكنها خدشت حياء فرنسا الرسمية اليوم. الفيلم الوثائقي جاء غامضا، ذلك أن الشهود خاضوا في موضوع أساسي هو كيفية تعاطي المحامي الفرنسي جاك فرجاس مع الثورة الجزائرية، وبالضبط علاقته مع جميلة بوحيرد كموكلة حاول تبرئة ساحتها، وفي نفس الموضوع لم يفت محامي الرعب الإشارة إلى مرحلة القهر النفسي التي مر بها عندما اكتشف في نهاية المطاف أن المعادلة عكس ما يظن وان التاريخ سيذكر دائما الصيغة التي صنعتها الأحداث، وهي "انه زوج جميلة بوحيرد لا جميلة زوجة فرجاس" ذلك أن الشهرة التي حققها كفاحها وانتشار مسلسل نضالها ضد المستعمر الفرنسي كان عملة لانتشار عربي وعالمي غريب ومميز. وفي نفس الفيلم الوثائقي تعمدت "الجزيرة" فتح موضوع تبني فرجاس الدفاع عن فلسطينيين اتهموا في تفجيرات الطائرة الإسرائيلية، وهنا كشف المحامي الفرنسي موقفه من إسرائيل، حيث تصفح في ذكرياته التي وصفها بالأليمة مصير الفلسطينيين الذين دافعوا عن أرضهم بطريقة مشروعة امن بها مما جعله يستميت في الدفاع عنهم، وللتمويه راح يذكر بقائمة الذين دافع عنهم من الجزائريين أيام الاستعمار الفرنسي، ذلك لأن شهادة محامي الرعب اليوم بالذات لم تتطابق ولم تتوافق مع موقف فرنسا الرسمية من إسرائيل. ويأتي بث هذا الشريط تزامنا مع احتفاء فرنسا بذكرى تأسيس إسرائيل التي اختارتها ضيفة شرف الصالون الدولي للكتاب والذي مني بمقاطعة عربية بدأت من معشر المثقفين وزكتها الأنظمة العربية على غير العادة، وهو ما أثار سخط فرنسا التي اعتبرت المقاطعة موقفا بربريا لا مبرر له، مقترحة الحوار والنقاش الثقافي كحل المحامي جاك فرجاس تبنى مرة أخرى قضية إنسانية ضد دولته إيمانا منه بعدالة المقاومة.ومن بين النقاط الغامضة أيضا أن الشهادات التاريخية إلى جانب فرجاس والتي قدمها أصدقاء الرجل من محامين وأيضا الجزائري بشير بومعزة تناولت بطولة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فقط دون التعرض إلى ما تبذله حماس، مما أضفى على الفيلم صبغة سياسية أكدت التناول الذكي للموضوع الذي جاء في توقيت تاريخي مدروس مقارنة بما يحدث في فلسطين الجريحة.