كثفت مصالح الأمن وقوات الجيش الوطني الشعبي، من العمليات العسكرية وعمليات التمشيط والمطاردة، تحديدا بالمحاور التي مازالت مصنفة ضمن معاقل الجماعات الإرهابية، وقد جاء هذا التكثيف مباشرة عقب العملية الإنتحارية التي إستهدفت يوم 11 جويلية الماضي، ثكنة عسكرية بضواحي الأخضرية بولاية البويرة، وهو الإعتداء الذي تبناه ما يسمى بتنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي". العمليات العسكرية الواسعة النطاق، والتي شملت عدة ولايات، إنتهت بالقضاء على إرهابيين وإسترجاع كميات من الأسلحة والذخيرة، وحتى إن كانت هذه العمليات ليست جديدة وتدخل في إطار مهمة مكافحة الإرهاب المتواصلة منذ سنوات، إلا أنها تأتي هذه المرة-حسب ملاحظات مراقبين-بعد "الأوامر" التي وجهها الرئيس بوتفليقة، إلى قوات الجيش والأجهزة الأمنية، بصفته وزير الدفاع الوطني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو "التكليف" الذي جاء قبل إعتداء الأخضرية وعقب تفجيرات 11 أفريل بالعاصمة، من أجل تعزيز إجراءات الحيطة واليقظة لمواجهة الإستراتيجية الجديدة التي أدخلتها "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" على أسلوبها المسلح بعد تحولها إلى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". ويرى مراقبون، أن عودة قوات الأمن إلى تعزيز وتفعيل التدابير الأمنية، بوسعه أن يكسر جدار الخوف الذي أعادته الإعتداءات الإرهابية الأخيرة إلى ذاكرة الجزائريين، ويسجل خبراء في المجال الأمني، أن إنتقال "القاعدة" إلى نهج العمليات الإنتحارية -(تفجيرات 11 أفريل بالعاصمة و11 جويلية بالأخضرية)- دفعت السلطات العمومية إلى ترتيب أوراق محاربة الإرهاب وفق المستجدات الأمنية الطارئة خلال الفترة الأخيرة، وقد إستأنفت بالفعل الدولة تدابير إحترازية، توقف العمل بها منذ سنوات، إثر إستقرار الوضع الأمني، من بينها إبعاد التراخي الأمني وتكثيف الحواجز الأمنية عند مداخل المدن ومخارجها، وتأمين جوانب مراكز الشرطة والدرك الوطني وعدد من المنشآت الرسمية والعمومية، وغلق بعض المنافذ والمعابر التي يمكن للعناصر الإرهابية إستغلالها لتنفيذ إعتداءات مسلحة. رفع درجة التأهب الأمني، تأتي في وقت أكد فيه رئيس الحكومة، عبد العزيز بلخادم، يوم الخميس، بأن الدولة "متحكمة بشكل جيد في الوضع الأمني وفي محاربة الإرهاب"، وقال بأن "الدولة الجزائرية مأمورة بمكافحة الإرهاب و تبعاته بقدر ما هي عازمة على تنفيذ سياسة المصالحة الوطنية"، معتبرا ما حدث منذ أيام، في منطقة إعكورن بولاية تيزي وزو، "هزيمة نكراء لوكر الإرهاب" بالمنطقة. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أمر في الخامس جويلية الماضي، بمقر وزارة الدفاع الوطني، الأجهزة الأمنية والعسكرية ب "تكثيف الجهود لمكافحة بقايا الإرهاب الذين لم يحسنوا إستغلال المصالحة الوطنية"، التي قال عنها "إنها ساهمت في عودة الأمن لربوع الوطن"، وأرجع الرئيس هذه الأوامر من أجل "الحفاظ على مكاسب المصالحة الوطنية والحفاظ على السلم". وتحدث رئيس الجمهورية لأول مرة أمام قيادات الجيش، عن التفجيرات الإنتحارية، التي إستهدفت العاصمة في 11 أفريل، قائلا "إن الإعتداءات الإجرامية المقترفة في الفترة الأخيرة بالجزائر العاصمة وخارجها أثبثت أن اليقظة ماتزال مطلوبة"، وأكد أن تعزيز السلم يقتضي "الإستمرار بلا هوادة في محاربة فلول الإجرام ومقارعة الإرهاب"، واصفا الإرهابيين ب"أولئك الذين لم يقروا بجميل الأمة وحلمها وأصروا على عدائهم للشعب"، وأدرج مكافحة الإرهاب ضمن الأولويات بالقول أن "تعزيز الأمن يقتضي أولا التصدي لمن لم يستغلوا المصالحة ويسعون لعرقلة مسارها". ورغم الأسلوب الإنتحاري الذي تتبناه حاليا "القاعدة" في الجزائر، فإن الدولة مازالت تتعامل مع "بقايا الإرهاب" وفق سياسة المصالحة الوطنية، حيث تبقي على أبواب التوبة مفتوحة أمام العناصر الراغبة في التخلي عن النشاط الإرهابي وتسليم أسلحتها، مقاب الإستفادة من التدابير التخفيفية المتضمنة في ميثاق السلم، وإلى غاية الآن إستفاد أكثر من 300 مسلح تائب من هذه الإجراءات، فيما لم يتأخر بعد تفجيرات 11 أفريل، عدد آخر من المسلحين في الإستسلام والإدلاء بشهادات وإعترافات، كشفت الصراع و"الفتنة" التي إندلعت داخل تنظيم "القاعدة" بسبب إستباحة دماء الأبرياء والعزل من الجزائريين. ج/ لعلامي:[email protected]