إنخفض بشكل قياسي، مستوى الاعتداءات الإرهابية في الجزائر، خلال شهر نوفمبر المنصرم، حيث لم يسجل سوى أربعة قتلى، حسب أرقام كانت قد أفادت بها حصيلات رسمية وأخرى لوسائل الإعلام. تراجع اعتداءات الجماعات الإرهابية، وتحديدا التنظيم المسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"(الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، يأتي بعد أشهر كانت دامية، من حيث سقوط عدد الضحايا وسط المواطنين وأفراد مصالح الأمن وقوات الجيش الوطني، خاصة بعد تبني "القاعدة" لأسلوب التفجيرات الانتحارية، الذي يستهدف الأماكن العمومية والمراكز الأمنية. واستنادا إلى برقية لوكالة الأنباء الفرنسية، أمس، فإن الاعتداءات الإجرامية والاشتباكات بين الإرهابيين وقوات الأمن، خلف ما لا يقل عن 105 قتلى في شهر سبتمبر الماضي، فيما كان في شهر أكتوبر 60 قتيل، وتشير الأرقام إلى مقتل نحو 413 شخصا منذ بداية العام 2007 ونحو 400 خلال 2006 و480 في سنة 2005. وترى أوساط متابعة للملف الأمني، أن انخفاض عدد الضحايا خلال الشهر المنصرم، تعكس انحصار وتراجع النشاط الإرهابي في البلاد، وهذا الأخير، له عدة مبررات، أهمها مواصلة مصالح الأمن وقوات الجيش الوطني الشعبي، لمهمة مكافحة الإرهاب، من خلال تضييق الخناق على معاقل التنظيم الإرهابي وتكثيف التمشيط العسكري، وتفكيك شبكات الدعم والإسناد، علاوة على نجاح الأجهزة الأمنية في القضاء على عدد من الرؤوس القيادية المدبرة داخل "القاعدة". سقوط هؤلاء "المراجع"، قابلته "أزمة داخلية" ضربت "الهياكل التنظيمية" لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وكان من بين القنابل التي فجرت "الخلافات والصراعات"، هو إعتماد "جماعة درودكال" على أسلوب العمليات الإنتحارية، المنهج الذي لقي معارضة شرسة حتى وسط المصنفين ضمن "محاميي" الجماعات الإسلامية المسلحة، من بينهم منتصر الزيات، وكذا الطرطوسي، كأحد موقعي "فتاوى" العمل المسلح. هذه العوامل دعمها عامل مهم، يخص إقتناع العشرات من المسلحين بتطليق العمل الإرهابي والإلتحاق بالمستفيدين من الإجراءات التخفيفية المتضمنة في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وكان لتسليم الأمير الوطني السابق ل "الجماعة السلفية"، حسان حطاب، نفسه قبل أسابيع للمصالح الأمنية، مبرر و"تشجيع" إضافي دفع عديد ناشطي "القاعدة"-حسب ما ورد على لسان تائبين- إلى التفكير الجدي في "التمرد" والتخلي عن العمل المسلح ضمن التنظيم والدخول في إتصالات مع المصالح المعنية، من خلال عائلاتهم. ويكشف تراجع الإعتداءات الإرهابية ومن ثمة عدد الضحايا-حسب ما يسجله خبراء في مكافحة الإرهاب- نجاح الإستراتيجية الأمنية التي شرعت السلطات العمومية في تنفيذها، كرد على أسلوب العمليات الإنتحارية، خاصة بعد التأكد من إتجاه "القاعدة" إلى تكثيفها وتعميمها، حيث بينت تفجيرات 11 أفريل بالعاصمة(قصر الحكومة) و11 جويلية بالأخضرية(ثكنة عسكرية)، و6 سبتمبر بباتنة(إستهداف موكب رئيس الجمهورية) ودلس(ثكنة حراس السواحل)-وغيرها من الإعتداءات، بينت أن "القاعدة" غيرت أسلوب نشاطها المسلح و"إستوردت" أساليب قتالية تستدعي تغيير وسائل ردعها ومواجهتها. ويعتقد مراقبون أن تراجع العمل الإرهابي خلال الشهر الأخير تحديدا، حتى وإن كان لا يكرس "القضاء النهائي" على الإرهاب، إلا أنه بالمقابل يعكس "حالة الترقب" التي يعيشها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، بركونه إلى الظل وتجنب مواجهات قوات الأمن والجيش من شانها أن تزيد في ارتباك . جمال لعلامي