ما تزال العائلات البشارية بمنطقة الساورة متمسكة بالكثير من الطقوس والنماذج الاحتفالية التي طالما رافقت الاحتفال بالعرس رغم ظهور بعض العادات الدخيلة نتيجة عامل النزوح الذي شهدته المنطقة من اغلب جهات الوطن خلال العشرية الأخيرة مما ساهم بشكل أو بآخر في التخلي عن بعض العادات الاحتفالية المتأصلة كالألبسة التقليدية التي تظهر بها العروس، إلى جانب تخلي البعض عن إحياء السهرات ب"الديدجي" بدل "البارود والقول" الذي غالبا ما تؤديه النساء. وباستثناء مقر الولاية، فإن قصور وبلديات منطقة الساورة ببشار، ما تزال حريصة على إحياء الأعراس على نمط الأجداد، أين نجد بقصور تاغيت وقصور الشمال مثلا، إلى جانب منطقة واد قير، تلك اللمسات الاحتفالية التي لا تخلو كل مرحلة فيها من الرموز الاحتفالية المعبرة بصدق عن أصالة المنطقة، ف"الحيدوس" مثلا تحيي به أعراس مناطق بوكايس لحمر وموغل المتواجدة شمال مقر الولاية، أما رقصة "الماية" فلا يمكن أن نصادفها إلا في منطقة بني عباس السياحية، فيما تبقى الأعراس التي تحييها فرق "الهوبي" المعروفة الميزة الأساسية لأعراس منطقة العبادلة، 90كم عن مقر الولاية، أما "الأعراس القندوسية" فلن تكون لها نكهة دون فرقة "الفردة". ومهما تباينت بعض الطقوس في إحياء العرس البشاري من منطقة إلى أخرى، إلا أن العوامل المشتركة تبقى نفسها خاصة ما تعلق بمراسم الخطبة و الحنة وغيرها، حيث تبدأ أولى مراسم الزواج بالخطبة التي تكون - حسب عادات العرس لدى سكان بشار - على مرحلتين، أولاها أن تتوجه مجموعة من النسوة من أهل الشاب إلى بيت الفتاة لرؤيتها أولا وجسّ نبض أهلها، وبعدها بيومين يتوجه الرجال لتأكيد الخطبة التي تصبح في هذه الحالة مؤكدة، ليتم تجسيدها في المرحلة الثالثة بإقامة حفل مصغر تلبس فيه الفتاة الخاتم بعدما يكون أهل الخاطب قد جلبوا العديد من الأغراض مع خاتم الخطوبة منها "فستان المنصورية والجلابة المغربية"، وهي الأزياء الرائجة بكثرة بالمنطقة بحكم الجوار مع المغرب، كما يتم جلب الحنة الورقية وبعض أدوات التجميل العصرية بالإضافة إلى مبلغ مالي لا يقل عن المليون سنتيم، وتقوم أم الشاب بوضع الخاتم في يد الفتاة في أجواء من الزغاريد فيما تكون الفتاة قد قامت بارتداء عدة فساتين كالقطيفة والقسنطينية ولباس الأميرة الذي لا يجب أن يكون ابيض حتى لا يكون شبيها بلباس العرس. المراحل الأولى للانطلاق في مراسم العرس تبدأ بما يسمى "الدفوع" حيث يتوجه أهل الشاب إلى بيت الفتاة ومعهم كبش وخضر وسكر وشاي.. و غيرها من اللوازم، أين يجدون أهل الفتاة قد احضروا لهم طبق المحمصة والمسمن مع الشاي، و يتم تحضير الغداء باللوازم التي أحضرتها عائلة الشاب. "الحنة الصغيرة" و"الحنة الكبيرة" من بين المراحل التي تسبق ليلة الدخلة أين تكون الحنة الصغيرة في شكل حفل مصغر أما الحنة الكبيرة فتكون بالقرقابو و لأهازيج، على أن تتكفل بوضع الحناء في يد العروسة امرأة تتصف بكل المواصفات الطيبة والحسنة، وبعد الدخلة وفي صباح اليوم الموالي يتجه أهل العروس إلى منزل العرس، ومعهم القصعة التي تكون مملوءة بأنواع الحلوى والمكسرات حيث يتم توزيعها على الضيوف، وتبدأ طقوس "التبراز" بارتداء أجمل الفساتين التقليدية والعصرية، ليستمر العرس سبعة أيام كاملة تكون العروس في "منتهى الدلال" بإعطائها أشهى الأطباق التي يحرص من خلالها أن تكون وجبات صحية ومقوية تعطي نظارة للعروس خاصة وأنها تكون موضع لملاحظات الضيوف وهمساتهم وخصوصا النساء منهم ! ح. فاطمة