عادت المفرقعات إلى شوارع مختلف الولايات، لتشارك أصحاب الأعراس أفراحهم، التي بدأت تتدفق على الأحياء بعد ما خمدت لمدة 6 أشهر في مشاهد توحي ظاهريا، بانتهاء الوباء وعودة دوي الألعاب النارية، وما يرافقه من صخب واستعراض. هذه العودة سجلت في مختلف أسواق ولاية سطيف، التي اتخذناها عينة في هذا الموضوع، في مقدمتها حي دبي التجاري بالعلمة، أين حطت طاولات المفرقعات الرحال في مدخل الحي، وهي الآن تعرض سرا وعلانية، من طرف بعض المغامرين الذين استأنفوا نشاطهم، بعد غياب فرضه الوباء. والملاحظ أن المفرقعات عادت بقوة، "لا يعيبها" الكم ولا النوع، ففيها البسيطة والمعقدة والرخيصة والغالية. فرغم عمليات الترصد، إلا أن المفرقعات لازالت حاضرة بكميات هائلة بما فيها تلك المتفجرات الغريبة، التي لها دوي القنابل وتنوعت أسماؤها بين زيدان وميسي والبصلة والثومة، كما امتد الأمر إلى أنواع الشماريخ والسينيال ودخان الإنذار الملون الذي يرمى في ملاعب كرة القدم. وقد تمكن أفراد المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بسطيف، منذ يومين فقط، من حجز 57600 وحدة من المفرقعات، من مختلف الأنواع والأحجام، وأما مصالح الآمن، فقد تمكنت من حجز 3200 وحدة ببلدية حمام السخنة، كانت موجهة إلى التسويق بولاية باتنة، وأحيل صاحب البضاعة على الجهات القضائية بتهمة حيازة ونقل بضاعة محظورة. وقد ظهرت آثار المفرقعات في الأعراس، التي عادت هي الأخرى إلى الواجهة فرغم إبقاء الحظر، على قاعات الأفراح، إلا أن الأعراس وجدت متسعا لها في المنازل العائلية، والسكنات الفردية، التي يبدو أن أهلها نسوا حكاية الكوفيد، واستأنفوا نشاط الأفراح بكل مظاهرها المعهودة في السابق، وبحضور المفرقعات والشماريخ، التي جلبت الانتباه في الأحياء الفقيرة والغنية على حد سواء، وأطلق العنان لدوي الألعاب النارية بمختلف أنواعها. وحسب المتتبعين لسوق المفرقعات، فإن الكمية التي خرجت للعلن تتعلق بمخزون قديم لم يستهلك بعد، وظل مخبأ عند التجار الصغار الذين استلموها من الرؤوس الكبرى، التي تساقطت كالذباب بعد ما انهارت إمبراطوريات العصابة ومن سار في فلكها من أصحاب الحاويات الملغمة التي كانت تتسلل إلى الموانئ بتواطؤ عدة جهات. فالمفرقعة المثيرة للجدل ما كان لها أن تصل الى أيدي أولئك الأطفال الذين يبيعونها في الطرقات، لولا تواطؤ جهات محسوبة على العصابة، والتي فتحت فوضى الاستيراد في صورة تعكس واحدة من حلقات الفساد. والحديث اليوم يدور حول المخزون القديم للمفرقعات المتداولة، بين الصغار بعد ما فلتت من أيدي الكبار، الذين تخلوا عنها خوفا من المحاكمات التي طالت رموز الفساد. ومن المفروض أن المفرقعة تعيش أيامها الأخيرة في الجزائر، لأنها من بقايا النظام السابق، والتفكير في الألعاب النارية حاليا يعني اللعب بالنار، التي لا ترحم الصغار والكبار.