يضطر سكان منطقة وادي الذهب ببلدية بني فودة بولاية سطيف إلى نزع أحذيتهم والتشمير على أرجلهم وحمل أبنائهم لقطع الوادي الذي أحاط بهم، وعزلهم عن العالم. المشهد يمكن متابعته على المباشر في الوقت الحالي بعد التهاطل الغزير للأمطار وارتفاع منسوب الوادي حيث يجد سكان هذه المنطقة صعوبة في قطع الوادي، وكل صباح يصطف أبناءهم المتوجهين الى المدرسة عند الضفة، والحيرة تملأ قلوبهم لأن قطع الوادي يعني الغوص في الماء وتلطيخ الأحذية والثياب. ولذلك يتدخل الأولياء كل يوم حفاة وكل واحد يتأبط ابنه ويدخل به الوادي بطريقة محيرة. والحل الثاني يكمن في الاستعانة بالجرار إن وجد فيزاحم التلاميذ سائق الجرار في مقعده الوحيد ويسير بهم إلى الضفة الأخرى للوادي. وإن تعذر الحل الأول والثاني يضطر التلاميذ الى مقاطعة الدراسة لأن العبور يشكل خطرا على حياتهم كما هو حال الطفلين ياسر وشقيقته أميرة البالغين من العمر 6 و8 سنوات، وقد سبق أن تسبب لهم في حوادث سقوط خطيرة بين الحجارة التي تتفجر منها المياه كما روى لنا السيد أحمد. وحاول سكان المنطقة مرارا إيجاد حل لمعضلتهم التي تتفاقم في فصل الشتاء فقاموا ببناء جسر خشبي تقليدي ووضع المتاريس لكن سرعان ما جرفت المياه كل شيء وأعادت السكان الى نقطة الصفر التي تعني ركوب الأبناء على أظهر آبائهم والمغامرة بقطع جريان الماء. قضية الوادي ليست وليدة الساعة فهي تمتد الى سنوات والآباء الذين يحملون أبناءهم اليوم حملهم آباؤهم بالأمس ويبدو أنهم سيورثون هذه العادة لمن يأتي بعدهم. وحسب السكان الذين تحدّثوا للشروق اليومي، فقد رُفعت العديد من الشكاوى إلى السلطات المعنية إلا أن الوضع لازال على حاله، وفي آخر زيارة للوالي السابق لولاية سطيف محمد بلكاتب الذي تحوّل الى ولاية بشار فقد وعد السكان بتكفل الولاية ببناء جسر للقضاء نهائيا على هذا الإشكال لكن هذا الكلام لازال في خانة الوعود. ومن جهتنا اتصلنا برئيس بلدية بني فودة السيد عمر حسين الذي يقول: بالفعل السكان يعرفون معاناة يومية مع هذا الوادي، والحل يكمن في بناء جسر لكن البلدية غير قادرة بإمكانياتها على تجسيد هذا المشروع الذي تقدر تكلفته الاجمالية ب 5 ملايير و200 مليون سنتيم لأن الأمر يتعلق ببلدية فقيرة ليست لها مداخيل لكن البلدية يقول رئيس المجلس، لم تقف مكتوفة الأيدي بل طرحت الإشكال على السلطات الولائية التي ستأخذ المشروع على عاتقها. وفي انتظار تجسيد مشروع الجسر تبقى حرب العبور بالنسبة للسكان بالأرجل الحافية وحمل الأبناء على الأكتاف.