كشفت محاكمة شخصيات عديدة في الجزائر، ضلوع العنصر النسوي في قضايا الفساد، وتسربت من قاعات المحاكم فضائح من العيار الثقيل.. البطلات مشهورات ومجهولات ممن أصبح نعت "مادام دليلة لصيقا بهن"، خاصة وأنهن جمعن ثروات طائلة من النصب والاحتيال والتقرب من الشخصيات النافذة في الدولة. تقريبا في جميع المجالات، بسطت "مادام دليلة" نفوذ سيطرتها، ولوت أعناق الرجال بأمكر أساليبها. صارت تمتلك الفيلات الفخمة والسيارات الفارهة والحسابات بالعملة الصعبة، وبين عشية وضحاها خلعت رداء الفقر والبساطة وارتدت تاج الثراء الفاحش.. ولعل أعداد النساء المتربعات على عرش الفساد في الجزائر، لا يمكن حصرها نظرا للتمرد الحاصل في صفوف "الجنس اللطيف"، والغموض الذي يلف عديد القضايا التي لم يفصل فيها بعد، ولكن ركزنا على من ظهروا في الواجهة. "مادام مايا".. ابنة بوتفليقة المزعومة التي احتالت على شخصيات نافذة على مدار عقدين من الزمن، بقيت السيدة "نشناشي زوليخة" تلعب دور الابنة السرية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن يسقط الجدار وتنكشف خيوط اللعبة ويزاح الستار عن لغز "مادام مايا". الشعب الجزائري لم يسمع شيئا عن "مايا"، لأن المعروف عن بوتفليقة أنه كان وحيدا بلا أسرة أو أبناء، لكن ما "خفي كان أعظم".. اشتهرت نشناشي زليخة شفيقة، (مواليد 1955)، بين كبار المسؤولين الجزائريين بلقب "لمعلمة" كدلالة على نفوذها "الوهمي"، بعد أن أقنعت الجميع بأن اسمها "مايا" وبأنها ابنة بوتفليقة السرية. احتالت "مادام مايا"، على ولاة الجمهورية وكبار المسؤولين للظفر بعقارات وامتيازات غير مستحقة، وهو ما مكنها من أراض وفيلات في الداخل والخارج بقيمة 124 مليار سنتيم دون احتساب الأملاك العينية الأخرى والأرصدة التي تمتلكها في البنوك. تقربت من الوزراء في القطاعات الاقتصادية، لتمكين رجال الأعمال من مشاريع مقابل رشاوى وهدايا كانت تتقاسمها مع شركائها، وورطت عبد الغني زعلان ومحمد الغازي، بالإضافة إلى المدير العام السابق للأمن الوطني عبد الغاني هامل. تمكنت من الحصول على امتيازات ورشاوى بعد تواصل مباشر لوالديها مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي ربطها بمستشاره الشخصي وسكرتيره الرجل القوي في قصر الرئاسة محمد روقاب، من أجل إنشاء مشروع لمحطة وقود بولاية البليدة.. بلغت محيط رجال الدولة والوزراء بترددها على مستشار الرئيس، الذي كان يقدمها على أساس أنها من عائلة الرئيس بوتفليقة قبل أن ينتشر في المحيط أنها البنت المخفية له. وتقول المعلومات إن السند الذي كانت تحتاجه المتهمة قبل دخولها محيط رجال الدولة أصبحت تقدمه هي لرجال المال والأعمال، حيث صارت الوسيط والورقة الرابحة لدى الوزراء للحصول على المشاريع. حكم عليها بعد انكشاف خيوط تآمرها ب 12 سنة سجنا نافذا، و7 ملايين دينار غرامة مالية مع الأمر بمصادرة جميع ممتلكاتها العقارية والمنقولة، فيما أدينت ابنتيها بخمسة سنوات سجنا نافذ لمشاركتهما في النصب والاحتيال. زوجة عبد الغني هامل.. الماكثة بالبيت التي جمعت ثروة! امرأة أخرى اعتبرت من رموز الفساد النسوي في الجزائر على الرغم من مكوثها بالبيت، هي السيدة "سليمة لعناني"، زوجة مدير الأمن السابق عبد الغني هامل.. وجهت إليها المحكمة تهما ثقيلة، متعلقة بحيازتها على عدة ممتلكات عقارية والتستر عليها، وتهمة تبييض أموال ناتجة عن مصادر إجرامية والحصول على وثائق من مصالح الدولة دون وجه حق. ووفقا لما سرب من قاعات المحاكم، فقد ثبت حيازة السيدة لعناني على تسع محلات تجارية بشراقة ودالي براهيم وبن عكنون واولاد فايت قيمتها تتجاوز 40 مليار سنتيم.. بالإضافة إلى شقة بولاية سطيف قيمتها 2.5 مليار سنتيم، وحساب بنكي في القرض الشعبي الجزائري فيه 7000 أورو. وتم الحكم على زوجة هامل بسنة سجنا مع وقف التنفيذ، كما تمت مصادرة جميع ممتلكاتها وممتلكات عائلتها. شاهيناز هامل.. المهندسة المعمارية التي كانت تحلم بتشييد أبراج الجزائر "شاهيناز هامل" ابنة مدير الأمن السابق عبد الغني هامل والسيدة "سليمة لعناني" هي الأخرى تمت محاكمتها في قضايا فساد وحكم عليها بسنتين سجنا، منها سنة مع وقف التنفيذ. ابنة هامل (30 سنة) مهندسة معمارية، وقد وجهت إليها تهم كالتي وجهت لوالدتها وهي تبييض الأموال، الحصول على وثائق بغير وجه حق وتقديم شهادات غير صحيحة، وتحريض أعوان الدولة. التحقيقات أثبتت حيازة شاهيناز على شقة f3 قيمتها مليار و400، شقة f5 قيمتها 2 ملاير و300، شقة f4 قيمتها 2 ملاير و100، شقة f4 تساهمي قيمتها 1 مليار و200.. بالإضافة لحساب بنكي في "CPA" بمبلغ مالي يفوق 3 ملايين دينار، وحساب بالعملة الصعبة تخبئ فيه 1600 أورو. وفي أثناء محاكمتها قالت شاهيناز إنها دخلت عالم الاستثمار منذ 6 سنوات وطموحها كان تشييد أبراج الجزائر عبر قروض بنكية. "مادام دليلة السكيكدية" وشركة استيراد السمك الوهمية! السيدة "ش.ل" أو مادام دليلة السكيكدية واحدة من رموز الفساد النسوي في الجزائر، وقد شغلت قضيتها الرأي العام المحلي والوطني منذ بدايتها نظرا للتفاصيل الكثيرة والمثيرة في ملف محاكمتها.. القضية تعود حيثياتها إلى سنة 2013، تاريخ فتح، تحقيقات واسعة حول عمليات تبييض وتحويل للأموال الصعبة من وإلى الخارج، بطرق مشبوهة، وذلك بتواطؤ من العديد من مدراء وإطارات بالبنك الخارجي الجزائري.. بطلة القضية "مادام دليلة السكيكدية"، التي قيل أنها تستورد السمك من الخارج بالتعاون مع شركات بإيطاليا والأرغواي وإسبانيا، وذلك دون سند قانوني.. وكشفت التحقيقات عن حدوث أكثر من 20 عملية تحويل مشبوهة في الفترة الممتدة من 2005 إلى غاية 2012، بينها من عجز المحققين عن تحديد مصدرها.. قدرت قيمة التحويلات بحوالي 5 مليون أورو، وبتعميق التحقيقات والتحريات، تبين أن المتهمة كانت تنشط تحت غطاء شركة لاستيراد السمك من دول أجنبية بدون سند قانوني.. الأمر أثار استغراب المحققين وطرح علامات استفهام كبيرة لدى الضبطية القضائية، باعتبار أن سكيكدة ولاية ساحلية وليست في حاجة للسمك!! قاضي التحقيق أمر بتوسيع التحقيق على مستوى بعض الدول المذكورة، إضافة إلى الجزائر العاصمة وبعض الولايات الشرقية، وقد أفضت التحقيقات إلى حدوث تجاوزات وفساد كبير. صديقة زوجة شكيب خليل وصفقات الغاز والنفط! كشفت التحريات في قضية "سونطراك1" عام 2013، أن شركة "سايبام" الإيطالية كانت تتخبط في الديون وعليها مشاكل دفع لمجمع سوناطراك، لكنها استطاعت الفوز بعدة صفقات بالملايير من أموال الخزينة العمومية!! كان ذلك مقابل توظيف ابن مزيان المدير العام لسوناطراك آنذاك كمستشار لمدير مجمع "سايبام"،"بيليو أورسي"، المتابع في قضية "سونطراك02′′، من قبل الادعاء العام بمحكمة ميلانو بعدة تهم تتعلق بالرشوة وإبرام صفقات مخالفة للتشريع مع شركة سوناطراك. وبرز، من خلال تصريحات المتهمين، اسم (أ. ز) التي تربطها علاقة صداقة بزوجة وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل.. ويشير الملف القضائي إلى أن المدعوة (أ. ز) كانت تربطها علاقة مشبوهة بالعديد من الشركات الأجنبية العاملة في ميدان الطاقة والمناجم، وهي التي توسطت لابن مدير سوناطراك للعمل كمستشار لدى الرئيس العام ل "سايبام" في الجزائر. كانت تلك الصفقة بمثابة ضمان ل "سايبام" كي تستثمر مع سوناطراك، مع أنها لم تكن قبل سنة 2006 سوى شركة صغيرة، تتخبط في الديون، حيث كان عليها مستحقات بقيمة 28 مليون أورو لشركة سوناطراك بخصوص تأخر إنجاز المشروع المسمى (ROD).. الدعم الذي تلقته الشركة من قبل الوسيطة (أ. ز) التي تربطها علاقة بحرم شكيب خليل جعلها في فترة وجيزة تتحصل على عدة صفقات ومشاريع في قطاعي الغاز والنفط بقيمة 11 مليار دولار.. كان ذلك بمباركة وزير الطاقة شكيب خليل، الذي كشفت تصريحات المسؤول الأول على المجمع الإيطالي بالجزائر"بيليو أورسي" أنه تلقى رشاوى وعمولات بمعية مسؤولين على سوناطراك، لتقسيم الصفقات على المجمع الإيطالي. حسناء لوت أعناق رجال الأعمال وكادَت أنْ تُصبِحَ وزِيرةً! هويتها الحقيقية مجهولة بالنسبة للكثيرين، لكن مسيرة فسادها شغلت الرأي العام في العام 2017 عندما كادت تقترب من كرسي الوزارة. بدأت قصة الحسناء الفاتنة في قناة تلفزيونية خاصة بالجزائر العاصمة أين عملت كموظفة لفترة قصيرة، قبل أن يعجب بها صاحب القناة، ويقربها منه.. صارت ترافق مديرها في الحفلات الخاصة لبيوت رجال الأعمال، وسارع لرفع راتبها الشهري بعد شهرين إلى 25 مليون سنتيم، دون أن تباشر أي عمل!! استغلت علاقات بعض رجال الأعمال مع صديقها صاحب القناة فحصلت على شقتين اثنتين من مرقين عقاريين وعدة سيارات جديدة، بل بدأت في بناء فيلا في الشراقة قامت ببيعها لاحقًا، وهكذا تحولت الحسناء الفاتنة في لمح البصر من مجرد موظفة بسيطة إلى صاحبة أملاك وعقارات.. الكثير من المسؤولين ومن بينهم برلماني معروف في الجزائر العاصمة كانوا لا يرفضون لها أي طلب، وبلغ نفوذها درجة الاقتراب من الترشح للبرلمان في ماي 2017، لولا ضغط مورس على الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الأسبق جمال ولد عباس، كما كادت أن تصبح وزيرة لولا الحراك الشعبي.