يبدو أن عجلة الزمن تريد العودة إلى الوراء، والأمريكيون الذي احتلوا العراق العام 2003 بحجة تحريره من الديكتاتور صدام حسين هاهم اليوم لم يجدوا طريقا يخرجهم من المستنقع العراقي سوى بالعودة إلى منطق الديكتاتورية بعد أن فشلت كل الحلول التي جربوها من أجل ما سموه إعادة الإستقرار لهذا البلد. الكثير من العراقيين اليوم يقولون أن ديكتاتورية صدام أرحم بكثير من ديمقراطية أمريكا، ومنهم حتى الكثيرين ممن كانوا منخدعين بالوعد الأمريكي عام 2004 الذي حمل شعار تحرير العراق من الديكتاتورية، فأيام صدام أصبحت في حكم الأحلام اليوم مع الوضع الأمني بل الكارثي الذي أصبح عليه العراق اليوم من اقتتال طائفي وعدوان أجنبي.. وفي هذا السياق أصدر مركز الشؤون الدولية التابع لجامعة نيويورك تقريرا يتضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العراق وذلك في آفاق عام 2010 بعد الانسحاب الأمريكي من هذا البلد.. لكن المثير في هذا التقرير الذي أعده خبراء المعهد هو تأكيده بأنه بحلول عام 2010 وبسبب فشل الإسلاميين وتعاقب حكومات ضعيفة في بغداد، ستقتنع أعداد كبيرة من العراقيين باستبدال الديمقراطية والحريات، بالدكتاتورية (!). وتضيف الدراسة أن حالة العنف الطائفي، واللاستقرار الأمني في العراق قد تدفع بكل دول الجوار فضلا عن الولاياتالمتحدة إلى قبول ظهور قائد عراقي دكتاتوري يوحد البلاد تحت قيادة مركزية قوية، ويضيف خبراء جامعة نيويورك وعلى رأسهم البروفسور مايكل أوبهايمر الذين اعدوا الدراسة أن تجهيز الجيش العراقي بالمعدات العسكرية أمر مهم وحيوي للتمهيد للإنقلاب العسكري الذي سيأتي بهذا القائد، وأن فرض الأمن في العراق سيتطلب من هذا الدكتاتور تعليق الدستور، وبسط القانون والنظام. ولتسهيل ظهور مثل هذا الدكتاتور تقول الدراسة إنه يتعين أولا تحقيق الانسحاب الأمريكي من العراق بشرط أن يتم تعويضها بجيش عراقي يمثل جميع أطياف الشعب، على أن يكون قويا إلى الحد الذي يمهد الطريق لظهور مثل هذا القائد عن طريق انقلاب عسكري يهيأ المناخ الملائم لعقد علاقة متوازنة مع الولاياتالمتحدة، وباقي دول المنطقة وحول الشخصية التي يمكنها أن تصلح لان تكون الديكتاتور الجديد للعراق، لا تستبعد الدراسة أن يكون الفريق عبود كنبر قائد خطة فرض القانون الحالي المرتبط برئيس الوزراء نوري المالكي شخصا مؤهلا لتنفيذ هذا السيناريو، مستشهدة بتاريخه العسكري، فهو من الشيعة ووصل إلى رتبة عالية في سلاح البحرية إبان نظام صدام حسين، وأسرته القوات الأميركية في حرب الخليج الثانية عام 1991، وقد عين في هذا المنصب على الرغم من اعتراض المسؤولين العراقيين والأميركيين الذين تخوفوا من جهلهم بولائه. وتتوقع الدراسة أن تقدم السعودية الدعم لهذا الديكتاتور العراقي للتنسيق معه لمحاربة تنظيم القاعدة، وإيران قد تدعم مثل هذا القائد العراقي القوي إذا ما كان شيعيا ولن تمانع إذا ما كان سنيا يحظى بمباركة المرجع الديني علي السيستاني"، أما بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية فإن السبب الذي يجعلها لا تعارض ظهور هذا القائد الدكتاتوري، فهو قدرته على توفير الاستقرار المطلوب لتسهيل سحب قواتها، والبدء بأسرع وقت ممكن بعمليات إعادة الإعمار. نسيم لكحل:[email protected]