عرفت سنة 2020 في الجزائر الكثير من الأحداث والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وكانت جائحة كورونا، أزمة ألقت بظلالها على الكثير من الجوانب الحياتية، وغيرت أنماطا وسلوكيات وتركت آثارا عميقة مادية ومعنوية، وإلى جانب تسبب كورونا في تدني مستوى المعيشة وحالة القلق والتوتر النفسي للفرد، فرضت الرقمنة وزيادة الحاجة إليها كضرورة من ضروريات العصر حياة مختلفة تحتاج إلى إعادة تجديد في بعض القوانين خاصة منها تلك المتعلقة بقانون الأسرة. ويرى الكثير من الحقوقيين، أن فيروس كورونا وإن لم يؤثر بشكل مباشر وواضح في العلاقات الأسرية، إلا أن الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جراء إجراء الحجر المنزلي وحظر التجول، وكذا الهزات النفسية المباشرة وغير المباشرة للفرد، غيرت الكثير من الأمور، وإن الحياة أصبحت مختلفة خاصة في ظل تشعب القضايا، بشكل ملحوظ أين شهدت المحاكم ارتفاعا مخيفا في حالات الطلاق والخلع بسبب تعقيدات الحياة التي أفرزها الوباء، بالإضافة إلى الفاقة الاقتصادية التي هزت وزلزلت الكثير من الأسر وخلفت آفات اجتماعية مرعبة على غرار زيادة حالات الانتحار والضغوط النفسية والعزلة… وفي هذا الصدد، أكد أستاذ القانون والعضو السابق في مجلس الأمة، المحامي بوجمعة صويلح، أن التطور الحاصل في مجتمعنا يتطلب تحقيق الانسجام في القانون الوطني الداخلي وتحيينه وفقا لظروف المجتمع، مع ضرورة إعطاء أهمية للتكوين العائلي وذلك من حيث النظر في الحصانة والمسكن الزوجية وأيضا في قضايا الأمومة والقوانين الاجتماعية العمالية التي تحمي المرأة بصورة عامة، إضافة حسبه، إلى مراعاة ظروف التشغيل والعمل، وذلك بما يتناسب ويتلاءم بملائمة وقتية كالوضع الوبائي الصحي لكورونا "كوفيد 19. الحاجة إلى دراسات جادة لتحديد عمق الضرر في الأسرة يرى الدكتور سعدي الهادي، خبير في علم الاجتماع، أنه بعد الحراك الشعبي في الجزائر، أجهض فيروس كورونا المستجد الكثير من الآمال التي كانت تحملها بعض الأسر وأبنائها من الشباب، وأضحت اليوم، عائلات تعاني فقدان العمل والزيادة في الأسعار، وصعوبة العيش، وهذا إلى جانب الآثار النفسية التي تركها الحجر الصحي لمدة دامت أكثر من 6 أشهر. وقال الهادي، إنه في الوقت الذي تراجعت فيه الحركية والديناميكية لدى بعض أفراد الأسرة، وتعطيل مشاريعهم وأحلام إيجادهم لمنصب شغل أو سفر إلى الخارج، يسارع العالم من حولنا نحو الدخول في فضاء رقمي كلي، بل هذا العالم استفاد من تجاربه مع التكنولوجيا والرقمية خلال الحجر الصحي للوقاية من كورونا وقرر أن يبقي التعامل عن بعد في بعض المجالات، تبقى الكثير من الأسر الجزائرية بعيدة كل البعد عن الإنترنت، وأن حتى الحكومة متأخرة في ذلك. وأكد الدكتور سعدي الهادي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة، أن التغيير الذي حدث خلال السنتين الأخيرتين، أحدث زلزالا اجتماعيا في الأسرة، ولمعرفة معاناتها بدقة يجب حسبه، القيام بدراسات وصبر للآراء والكشف عن الكثير من الخفايا في المجتمع الجزائري التي يندى لها الجبين، وبذلك يتم التفكير في تغيير بعض قوانين الأسرة والطفل والمرأة. وفي السياق، قال المحامي والحقوقي، عمار خبابة، إن أي أزمة مهما كان نوعها وحجمها، إذا كانت لديها علاقة بالإنسان، فإنها تمس العلاقات وتؤثر بصفة حتى وإن لم تكن مباشرة على المجتمع بدءا بالأسرة، موضحا أن قانون الأسرة في بعض جوانبه يجب إعطائه أهمية لتعديل بعض بنوده، حيث أن قضايا مثلا الخلع، تحتاج أحكامه الحالية اليوم لدراسة معمقة وخاصة بعض البنود في تعديل 2005. وتأسف خبابة، من كثرة قضايا الخلع في المحاكم وخاصة خلال أزمة كورونا، قائلا" إن الخلع سمح بكثرة الطلاق"، ونحن نعلم توابع هذا الأمر"، كما يرى أن منح الزوجة نفقة الأولاد من طرف الطليق، وبمبالغ أصبحت أكثر من الماضي، منح مسكن ملائم للحاضنة وإن تعذر يلزم الوالد بتوفير سكن، يدعو إلى تعميق النقاش في هذا الجانب، حيث توجد حالات حسبه، تبين كلا الزوجين وهما مرتبطان، ليس لهم سكن، أو يعيشان بيت قصديري، وبعد الطلاق يلزم الزوج بتوفير سكن ملائم، وكأن النص حسب خبابة، يشجع على الخلع، حيث تبحث الزوجة عن حياة أفضل وذلك من خلال الخلع، والحصول على نفقة الأولاد والمسكن، مع العلم أنها عندما تكون متزوجة لا يكون لها مسكن. واعتبر المحامي عمار خبابة، أن ذلك إجحافا في حق الزوج، وخاصة في ظل تدني المعيشة، وغلاء أسعار الكراء، وأزمة السكن. وأكد خبابة، أن هناك نقطة مهمة في قانون الأسرة لم يتم التطرق أليها حيث لابد أن تولى لها أهمية خاصة في ظل التطور التكنولوجي والعلمي، وهي قضايا إنكار النسب في القانون الجزائري القانون الذي ينص إلا على اللجوء للوسائل العلمية في إثبات النسب ويسكت، حسب ذات المحامي، عن إنكار النسب ولا يمنح نفس الإجراء أي لا يمنح إمكانية اللجوء للوسائل العلمية لإنكار النسب، مشيرا إلى أن القانون لا يزال متمسكا ب"يمين اللعان" فقط واللعان، حسب اجتهادات المحكمة العليا يجب أن لا يتعدى 8 أيام من تاريخ العلم بالحمل. ودعا المحامي عمار خبابة، في تصريح ل"الشروق"، إلى الإبقاء على"يمين اللعان" حسب الطرق الشرعية، ولكن يجب أن نلجأ إلى الوسائل العلمية من خلال "تحليل حمض النووي" حسب، ما لجأت إليه بعض الدول العربية والإسلامية، وذلك لإنكار النسب، حيث لا يمكن أن نحيي على حد تعبيره الابن ونقتل الأب، فمن غير المعقول يضيف" الابن أو الأم يرفعان دعوى لإثبات النسب في حين لا يمنح حق إنكار النسب بالطرق العلمية للأب". وفي ما يخص قضايا "التنزيل" أي حين يموت الابن قبل والده ويترك أحفادا يرثون طبقا لقاعدة تنزيل الوصية الواجبة، وحسب خبابة، فأبناء البنت لا يرثون إذا ماتت والدتهم قبل والدها، مما يستدعي اجتهادا مع تحفظ ألا يكون هناك نص في الشريعة الإسلامية قطعي الثبوت قطعي الدلالة. ونظرا لتغير العلاقات واختلاف العقليات خاصة عند الشباب، يطالب المحامي عمار خبابة، العودة إلى المادة التي تنص على أن الزوجة عند الطلاق قبل البناء تستحق نصف الصداق حيث من الملاحظ اليوم أن الأزواج قبل البناء لاسيما الشباب وبنسبة ملحوظة يلتقون وتقع الخلوة الشرعية وهنا يجب وطبقا للأحكام الشريعة وإذا وقع الطلاق فالزوجة تحتاج الصداق كاملا، ويعتبر خبابة، أن هنا القانون متأخر.