يخلق السكن مع أهل الزوج خلافات، واجب حدوثها، مهما كانت الأسرة على توافق. ففي النهاية، الكنة هي شخص غريب، اقتحم العائلة فجأة، بحكم الشرع والقانون. ويصبح من الطبيعي أن تتعامل مع جميع أفرادها، وتحاول كسب ودهم، للتعايش في بيت واحد. هذا الأمر بالتحديد، قد يأخذ منحنيات أخرى، لتتحول علاقة الكنة بالحمو محل شك وغيرة ودافع انتقام. حماتي تعتبرني مصدر إغراء لزوجها وأبنائه تقول سعاد، 34 سنة، من البليدة: في بداية زواجي، كنت أعامل الجميع على أنهم عائلتي الثانية.. فوالد زوجي طاعن في السن، وإخوته الشباب طلبة جامعيون، في سن العشرينيات. وبما أنني عروس جديدة، حاولت التقرب من الجميع بحكم شخصيتي، وكنت كذلك ألبس لباسا جميلا أنيقا غير فاضح، وأضع القليل من المكياج. هذا كان كافيا لأن تتهمني حماتي بمحاولة التودد إلى رجال العائلة، وإغرائهم بمظهر أنثوي..". زوجة حَمِي تغار مني تحدثنا سارة، 28 سنة، أستاذة أدب عربي، عن تجربتها مع زوجة الحمو، وكيف أفسدت الغيرة علاقتهما، التي لطالما كانت طيبة: "أخو زوجي، زميل لي في العمل. فقد التحقت مؤخرا، بصفتي مدرّسة، بالمؤسسة التي يشغل بها منصب مراقب عام. وهنا، بدأت علاقتي مع زوجته تتوتر، وتأججت غيرتها، لأنني تحصلت على عمل، بينما لم ترزق هي به بعد. وبما أنني أنيقة، أختار ملابسي بعناية، وأعامل الجميع بحسن واحترام، وأفرض هيبتي على الطلبة، أصبح حمي يمتدح سيرتي أمام العائلة، ويعتبرني شرفا لها، لما يصله من كلام عني.. وزاد احترامه لي عن السابق. وهذا ما جعل زوجته تكيد لي المكائد، وتحاول تشويه صورتي مع العائلة والجيران، بكل السبل". لا تختلف قصة نسيمة عن سابقتها، تقول: "عندما قدمت إلى هذه العائلة، كان حمي الأصغر أعزب، وكنت أحاول تعويض ولو جانب صغير جدا من خدمات والدتهم المتوفاة حديثا. فاجتهدت في إعداد الأطباق التقليدية، وأتقنتها أكثر، لأن كل من في البيت يحبها. بعد سنتين، تزوج حمي الأصغر، ولسوء الحظ، زوجته عاملة، ولا تتقن الطبخ، فكان يطلب مني بشكل يومي، أن أعد له طبقا معينا. في المقابل، كان يجلب لي هدايا ثمينة من أسفاره، ويتسوق ليشتري أحسن المنتجات، بينما زوجي يتحجج بالديون لتقليص النفقات..". استمر هذا الوضع لشهور، إلى أن قرر الزوجان الإقامة في منزل خاص، دون سابق إنذار، تضيف نسيمة: "أخبرتني أخت زوجي بأنني السبب في هذا القرار، بادعاء أنني كنت أستغل طيبة حمي وحبه للأكل التقليدي، لاستنزاف جيبه، والتقليل من مهارات عروسه". هل فعلا أشكل تهديدا لأخي زوجي؟ تقول زهرة: "أنا سيدة ماكثة بالبيت، أكبر همي في هذه الحياة، رعاية زوجي وأبنائي، أعتني بالديكور والنظافة والطبخ خاصة. وأنا، بالنسبة إلى أهل زوجي، كنة مثالية؛ أولادي ناجحون مؤدبون، ممتازون في دراستهم، وبيتي مرتب بشكل عصري، وطبخي جاهز في الوقت المناسب.. ومع هذا، أعتني بأناقتي ولياقتي. ويزيدني المدح اجتهادا في ما أقوم به. لهذا، يحترمني أهل زوجي، ويقدمونني كمثال لزوجاتهم العاملات، ليقتدين بي، حتى إن حمي طلب من زوجته التوقف عن العمل، للاهتمام به وبأبنائه، أو الزواج من سيدة ماكثة بالبيت". تشير الأخصائية النفسية والاجتماعية، مريم بركان، إلى أن نحو 70 بالمائة من المشاكل الروتينية، التي تحدث في البيوت التي تضم العائلات المركبة، سببها علاقة الكنة بالحمو، سواء والد الزوج أم إخوته، التي غالبا ما تسبب الشك أو الغيرة لدى الزوج، أو والدته، أو زوجات إخوته.. وقد سبق للدين الإسلامي تحديد علاقة الكنة بالحمو، تفاديا للمشكلات. مع هذا، من الصعب التحكم في هذا النوع من الحساسيات، عند العيش في محيط ضيق موحد.