في زمن تعددت فيه النكسات وتسارعت الخيبات وتسابق فيه المتخاذلون من الأعراب لكسب ود الصهاينة بالتطبيع مع هذا الكيان المغتصب؛ تتحرّك هيئاتٌ ومنظمات وشخصيات عربية لإعادة القطار إلى السّكة، وتذكير الأمة العربية والإسلامية بواجبها الإنساني إزاء القضية الفلسطينية، وإدانة هرولة عددٍ من الأنظمة العربية نحو الصهاينة وعلاقات تعاون معهم وتخلِّيهم عن الحقوق الفلسطينية. وفي هذا السّياق يجري التّحضير لعقد أول مؤتمر جامع تشارك فيه هيئاتٌ وشخصيات عربية خلال الأسبوع المقبل، وهو المؤتمر الذي دعا إليه المؤتمر القومي العربي، والمؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العامّ للأحزاب الإسلامية، ومؤسسة القدس العالمية، واللقاء اليساري العربي، والجبهة التقدمية العربية. هذا المؤتمر سيكون صرخة عربية حرة ضد الخيانات العربية المتلاحقة للقضية الفلسطينية، وبداية عمل جماهيري للوقوف في وجه تيار التّطبيع الذي جرف معه عددا من الحكام المتخاذلين الذين تطوّعوا ليكونوا أعوانا للصهاينة ضد الفلسطينيين، والجميل في هذه الأحزاب والحركات والمنظمات أنها تجاوزت الخلافات الإيديولوجية التقليدية بينها ووحّدت جهودها لصالح القضية الفلسطينية. والرّهان في ذلك يقع على الأحزاب والشّخصيات والمنظمات الموجودة في البلدان المطبِّعة، خاصة الأشقاء المغاربة الذين رفضوا صفقة العار وواجهوا المخزن وشرعوا في احتجاجات غاضبة، ستستمر وتتوسع، خاصة بعد زوال تغريدة ترامب التي يعترف فيها بسيادة المغرب المزعومة على الصحراء الغربية. وكذلك الشأن بالنسبة للسودان، لأن المزاج العامّ في هذا البلد يرفض صفقة التطبيع، وعلى الرغم من بعض المحاولات اليائسة لإعطاء الانطباع بأن السودانيين يقبلون التطبيع، إلا أن الصّوت المساند للقضية الفلسطينية أقوى، وسيضع حدا للحفاوة الزائفة بالصهاينة التي يُظهرها بعضُ العملاء، ومنها استخدام أطفال سودانيين حفاة عراة، وإرغامهم على تشكيل رمز نجمة داوود، ونشر الصورة بشكل واسع في الكيان الصهيوني لإظهار حفاوة السودانيين بهم. لقد تحرك الشّرفاءُ في الأمّة العربية لوقف سيل التّطبيع، وسيُسَجَّل المهرولون إلى الصهاينة في التاريخ تحت بند العملاء المتعاونين مع الأعداء، وهؤلاء تمقتهم كل شعوب الأرض وتزدريهم كل الحضارات والثقافات، ولنا في التّاريخ دروس وعبر في كيفية التعامل مع الخونة؛ ففي فرنسا تم سحلُ المتعاونين من النازيين في الشوارع وتفنن الفرنسيون في إهانة 20 ألف عاهرة كنّ في خدمة الجنود الألمان بتعريتهن في الشوارع ورسم الصليب المعقوف على صدورهن… فهل سيأتي يومٌ يحاسب فيه الداعرون في الإمارات والسودان والمغرب والبحرين على العهر الذي مارسوه مع الصهاينة أمام الكاميرات؟!