كشف الرئيس التونسي قيس سعيد، الأربعاء، عن استعانة عدد من السياسيين بسفارات أجنبية بغرض التدخل في الأزمة السياسية الداخلية. وفي مؤشر على تعقد الأزمة، اجتمع سعيد مع ممثلين عن البرلمان وعبر عن تمسكه بموقفه الرافض للتعديل الوزاري. وقال في مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية: "هذا التحوير (التعديل الوزاري) فيه العديد من الخروقات"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مفاتيح حل الأزمة بيد رئيس الجمهورية وليست بيد من قال، إنهم فتحوا دور شعوذة باسم (دور إفتاء). وتابع "أعلم علم اليقين ما يحصل هذه الأيام من دعوة ممثلي بعض الدول الأجنبية للاستنجاد بها. نحن وطن حر مستقل قضيتنا وطنية ولا دخل لأي طرف أجنبي فيها. وإن كان البعض يريد المبارزة بالقانون ويدعي فيه معرفة، فليعلم أن موقفنا هو النص، فالنص بالنص والفصل بالفصل، والفصل بين الفصول هو لرئيس الدولة، لا لمن فتحوا للأسف منذ سنة 2011 دور شعوذة كُتب عليها دور إفتاء". وأضاف أنه سيتوجه بخطاب رسمي إلى رئاسة الحكومة لتوضيح تجاوزات يتضمنها التعديل الوزاري الجديد، لا سيما في ظل وجود وزراء مقترحين يشار إلى تورطهم في شبهات فساد، فضلاً عن عدم تمثيل المرأة في التشكيلة الجديدة، وفق مبدأ المساواة أو (التناصف) الذي ينص عليه الدستور التونسي. وجدّد سعيد القول، إن التعديل الوزاري تشوبه خروقات عديدة، وإنه حريص على تطبيق الدستور، مضيفاً "إننا في وطن حر، وحل الأزمة القائمة يكون باحترام النص الدستوري لا بالتأويلات أو الفتاوى، التي في ظاهرها حق وفي باطنها تجاوز للدستور، ولا بالبحث عن مخرج قانوني مستحيل". تعطيل المؤسسات وفي 16 جانفي الماضي، أعلن رئيس الحكومة، هشام المشيشي، تعديلاً شمل 11 حقيبة وزارية من 25، وبعد 10 أيام صادق عليه البرلمان، لكن سعيد لم يدعُ الوزراء الجديد لأداء اليمين أمامه. ومستنكراً، تابع الرئيس التونسي، الأربعاء: "من تعلقت به شبهات، ولي من المعلومات الكثير، لماذا يحلف (يقسم) ويضع يده على القرآن ليشهد الله والناس على أنه سيحترم الدستور". وأردف: "هناك دولة ومؤسسات، ومن يدعي بأن المؤسسات تعطلت، فهو السبب في تعطيلها، وليس رئيس الدولة". وحذر المشيشي، عبر بيان، الأربعاء، من أن تونس تشهد إحدى أصعب فترات تاريخها، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو الدستوري والمؤسساتي. واستطرد سعيد: "كرسي الرئاسة ليس شاغراً.. ولا ألعب دوراً رمزياً كما ادعى البعض، ولن أترك تونس في مهب هذه الصراعات". وأصدرت الرئاسة بياناً عقب لقاء قيس سعيد مع أعضاء بمجلس نواب الشعب (البرلمان)، في قصر قرطاج الرئاسي، بحث خلاله أسباب أزمة التعديل الوزاري الأخير وعدم دعوة الرئيس للوزراء الجدد لأداء اليمين. بدوره، رد رئيس البرلمان راشد الغنوشي، الخميس، على تصريحات سعيد، وقال إن الدستور لا يُعطي لرئيس الجمهورية الحق في رفض وزراء تحصلوا على تصويت الأغلبية في البرلمان. واجتمع المشيشي، الأربعاء، مع أساتذة قانون دستوري وعمداء كليات الحقوق في تونس، للاستئناس بآرائهم لتجاوز أزمة اليمين الدستورية، "التي تسببت بتعطل مصالح الدولة"، وفق بيان لرئاسة الحكومة.