صنع كثير من الجزائريين، لاسيما المسنون المفارقة بإقبالهم على التلقيح ضد فيروس كورونا، فبعد أن كانت اللقاحات محل إحجام وخشية من قبل المواطنين باتت الآن مطلبا رئيسيا لهم، حتى أنّ منهم من يبحث عن الواسطة والمحسوبية للحصول عليه. وقد وقفت "الشروق" على استفسارات عديدة لمواطنين يبحثون عن اللقاحات لذويهم المسنين في مختلف مراكز الصحة الجوارية عبر أنحاء الوطن، بعضهم بدافع الاستفسار والفضول وبعضهم الآخر بدافع التسجيل للاستفادة من التلقيح، حيث عبر هؤلاء عن لهفتهم للتلقيح الذي لا يخشونه كما قالوا مبدين استعدادهم متى ما أتيحت لهم الفرصة. وفي هذا السياق أفادت لطرش سميرة منسقة العيادة متعددة الخدمات "الينابيع" التي عرفت انطلاقة حملة التلقيح بولاية العاصمة، أنّ العيادة تستقبل يوميا أعدادا كبيرة لمواطنين يستفسرون عن اللقاح ويبدون رغبتهم في الخضوع للتلقيح وهو أمر لافت للانتباه، وتقوم العيادة، حسب المختصة، بتسجيل أسماء الراغبين من المواطنين مع مراعاة السن وتدوين عناوينهم وأرقام هواتفهم للاتصال بهم عند توفر جرعات اللقاح المخصصة للعيادة، حيث تتم العملية بشكل تدريجي ويتم برمجة المواطنين بحسب عدد الجرعات المتوفرة. وأعربت المتحدثة عن أملها في توفير كميات كافية لتلبية طلبات المواطنين، متى تم الحصول على الحصص الوطنية الإضافية الخاصة باللقاح. وكعيّنة ثانية عن تجاوب المواطنين مع اللقاح عرفت العيادة المتعددة الخدمات بولاية بومرداس، التي أعطيت منها إشارة الانطلاق الرسمي للحملة، إقبالا وتجاوبا غير متوقع كما أكده القائمون عليها، خاصة من قبل فئة المسنين وذوي الأمراض المزمنة الذين أبدوا رغبة جامحة في التلقيح، حيث تم برمجة الجميع وفق ما تتيحه الجرعات الممنوحة للعيادة على أن يتم استدعاء البقية لاحقا… بدوره فسّر محمد ملهاق الدكتور البيولوجي السابق بمخابر التحليلات الطبية والباحث في علم الفيروسات، إقبال الجزائريين على لقاح كورونا بحجم الآثار السلبية التي خلفها الفيروس على حياة المواطنين وتأثيراته السلبية في جميع مناحي الحياة، ما قلب الموازين وأضر كثيرا بالجانب الاقتصادي والاجتماعي للعائلات والمؤسسات، حيث يتعلق الجميع بأمل اللقاح وقدرته على تخليصهم من الوباء الذي حرمهم الحياة الطبيعية. ويرى الدكتور ملهاق أنّ تصريحات المختصين وتطمينات الخبراء والمسؤولين بفعالية وسلامة اللقاحات المختارة بعثت الثقة في المواطنين وعززها بشكل أكبر تلقيح بعض المسؤولين والأطباء ورؤساء المصالح وتداول صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل هؤلاء يتأكدون فعلا من فعالية اللقاح الذي يعد الحل الوحيد الآن للتخلص من الفيروس ومحاصرته. وحسب تصريحات ملهاق، فإن حملات التوعية والتحسيس التي بادرت إليها بعض التنظيمات والجمعيات وكذا المؤسسات الصحية الرسمية ساعدت كثيرا في توجيه الرأي العام نحو خيار التلقيح لمحاصرة الوباء والعودة السريعة إلى الحياة الطبيعية. أما البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث فقال إنّ عدم تسجيل أي آثار جانبية للقاح الى غاية الآن حمّس البقية لاتخاذ قرار مشابه، فالخوف السائد كان يتعلق بالأساس بالآثار الجانبية والمضاعفات التي قد تلحق بالمواطنين، خاصة وأن اللقاحات تجرب لأول مرة ولم تنه بعد جميع مراحلها العلمية كما تتطلبه المواصفات ومعايير البحث العلمي في مثل هذه الحالات، وأضاف خياطي أن الخيار الموفق للجزائر في اقتناء اللقاح ساعد كثيرا على بعث الثقة لدى المواطنين. وتوقع المختص أن تتطوّر الأمور لاحقا وأن تعرف هذه اللقاحات وفرة أكبر باستقبال كميات مرتقبة أواخر الشهر الحال، حيث وصف العملية الحالية بالتجريبية أو البداية لحملة وطنية شاكلة سيستفيد منها جميع الراغبين في التلقيح.