تستنزف الدروس الخصوصية جيوب الأولياء مع كل موسم دراسي، لاسيما بالنسبة لتلاميذ الأقسام النهائية، وزادت الحاجة العلمية إلى هذا النوع من الدعم بالنظر إلى تأثيرات وباء كورونا على العملية التعليمية داخل المؤسسات التربوية إثر تقليص المدة الزمنية المخصصة لكل مادة وتراجعها من 60 دقيقة إلى 45 دقيقة، ما جعل الأساتذة داخل المؤسسات التربوية يسابقون الزمن لإتمام المقرر الدراسي ولو كان ذلك على حساب الشرح والتطبيق… وأمام هذه الوضعية تحتّم على التلميذ والولي الرضوخ لواقع الدروس الخصوصية بكل إيجابياته وعيوبه مقابل الرفع من المستوى لتدارك النقص المعرفي، غير أنّ هذا كلف الأولياء غاليا لاسيما منهم البسطاء ومحدودي الدخل في ظل الأسعار الباهظة المطبقة في بعض المناطق المصنفة في الخانة الراقية، دون الحصول على النتائج المرجوة في غالب الأحيان ودون توفير مقرات محترمة لائقة في أحيان كثيرة. بن زينة: الدروس الخصوصية تعزّز الفوارق وندعو للردع وأفاد بن زينة علي رئيس المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ أنّ هيأته حذّرت عدة مرات من "تهديدات" الدروس الخصوصية وانحرافها عن خطّها الأساسي بعد أن فاق انتشارها وممارساتها الحدود. وأوضح بن زينة أنّ منظمته طلبت من السلطات المعنية في عديد المرات تقنينها رسميا، وفرض ضوابط وشروط لها تحمي التلاميذ في أوقات الدراسة. وتحدّث بن زينة عن استقبال شكاوى عديدة من قبل الأولياء في هذا الخصوص تتعلق بعدم تقديم المعلومة كاملة في المؤسسات التربوية وتوجيه التلاميذ نحو الدروس الخصوصية لاستيعاب وتدارك ما يحتاجونه، حتى أن بعض مديري المؤسسات باتوا يشتكون أيضا تصرفات لا أخلاقية صادرة من قبل بعض المقصّرين في واجبهم. وأكد بن زينة أنّ الأسعار تتراوح، بحسب ما وقفت عليه المنظمة عبر مختلف مناطق الوطن، بين 1500 و3500 دج لأربع حصص شهريا بالنسبة للافواج، أمّا الدروس الخصوصية الفردية فتصل إلى 5000 آلاف دج للحصة الواحدة الممتدة نحو 4 ساعات تقريبا. ويعيب المتحدث على الدروس الخصوصية إسهامها في تعزيز الفوارق بين التلاميذ وعدم توفير تكافؤ الفرص، متسائلا عن كيفية السماح بوضع بعض المنشورات لعناوين دروس خصوصية أمام المؤسسات التعليمية وعلى جدرانها. ودعا بن زينة السلطات المعنية إلى الردع بالنسبة للمتجاوزين والذين يستغلون حاجة التلاميذ لرفع الأسعار وفرض ممارسات تتنافى مع أخلاقيات التعليم، موضحا بأن الردع ليس من مهام وزارة التربية لوحدها بل يتعداه إلى وزارة التجارة وكذا الداخلية والجماعات المحلية من خلال البلديات والدوائر الإدارية. عمراوي: تسخير المدارس في الدروس الخصوصية يضمن مصلحة الجميع من جانبه أكّد النائب البرلماني السابق مسعود عمراوي أنه لا بدّ من امتلاك الشجاعة لمعالجة مشكل الدروس الخصوصية بمنطق وواقعية، كما فعلت بعض الدول من خلال تقنينها وضبطها بدفتر شروط، وعقد اتفاق بين الأساتذة ومديرية التربية لتُقدم في المؤسسات التربوية خارج أوقات العمل، كما كانت سابقا قبل إصدار تعليمة من وزارة التربية الوطنية تمنع الأساتذة من تقديم دروس خصوصية سنة 2003 إثر إضراب عام شنّه الأساتذة. ومن بين الشروط التي يجب أن يتضمّنها دفتر الشروط تحديد قيمة الساعة ونسبة استفادة المؤسسة منها لتعم الفائدة على الجميع، الأستاذ والتلميذ والمؤسسة لأن الدروس الخصوصية، حسبه، أصبحت أمرا واقعا لا يمكن لأي كان توقيفها، كما لايمكن للولي القادر ماديا التخلي عنها في ظل ظروف التمدرس الحالية لأن الأولياء يريدون لأبنائهم تفوقا وتعليما جيدا وذي نوعية وهذا لايتوفر في كل المؤسسات التربوية، بل ولم تصله المدرسة الجزائرية بعد، فحتى الأولياء من محدودي الدخل يقحمون أبناءهم عند اقتراب الثلاثي الأخير من السنة الدراسية كون غالبيتهم لا يمكنهم دفع مستحقات هذه الدروس طيلة الموسم الدراسي، كما أنّ الدروس الخصوصية لم تعد حكرا على التلاميذ المتوسطين أو الضعاف المستوى فقط كما كانت في وقت سابق لأن الطبقة المثقفة تريد لأبنائها معدلات مرتفعة ومكانة مميزة من خلال اختيار الأبناء للشعبة المرغوب فيها بكل أريحية لأن معظم الدروس النظامية لا تتوج بتطبيقات، هذه التطبيقات التي لا يعيرها السادة المفتشون اهتماما رغم أنها الركائز والاختبار الحقيقي للتأكد من فهم الدرس كما هو واضح، وهذا نتيجة حشو الدروس وكفى من أجل إنهاء البرنامج متجنبين الهدف الحقيقي وهو الاستيعاب والفهم، ناهيك عن اكتظاظ الأقسام أثر على مردود التلاميذ. وأضاف عمراوي النائب السابق إضافة إلى ما سبق مسألة الحجم الساعي الذي أثر سلبا على التلاميذ ، ففي السابق كانت كثافة كبيرة للدروس أثقلت كاهل التلاميذ، وفي ظل تفشي وباء كورونا أصبحوا يدرسون نصف البرنامج الدراسي ما يحدث اختلالا كبيرا في مختلف المواد، خاصة المواد العلمية لترابطها مع بعض خاصة وأنّ المناهج الدراسية مترابطة مع بعضها، فالتلاميذ لا ينهون المقرر الدراسي للمستوى الذي يدرسونه، ما يصعب عملية الاستيعاب خلال السنة المقبلة بعد انتقالهم إلى المستوى الأعلى، الشيء الذي جعل من المدرسة محل نفور بدل أن تكون محل جذب واستقطاب، فالأولياء من حقهم أن يبحثوا عن بدائل وفضاءات رحبة لمساعدة أبنائهم لاستيعاب الدروس والتفوق في الامتحانات، ومن هذه البدائل الدروس الخصوصية التي أصبحت أمرا محتوما وواقعا لابد منه. وتساءل عمراوي عن نوعية الدروس الخصوصية المقدمة؟ وإذا ما كانت في المستوى المطلوب؟ وما إذا كان الأستاذ يؤديها بغرض خلق نخب من التلاميذ أم أن التلاميذ أصبحوا عنده بيض من ذهب؟ فكيف بالأستاذ الذي يعطي لتلامذته الذين يدرسون دروسا خصوصية نماذج من الأسئلة شبيهة بأسئلة الامتحان إن لم تكن هي بعينها لاستقطاب التلاميذ؟ وأضاف "ماهو موقفنا من الأساتذة الذين يحشرون في المستودع أكثر من 70 تلميذا ونحن الذين نشتكي من الاكتظاظ في الأقسام؟".