الكثير من القرارات باشرها الرئيس عبد المجيد تبون منذ عودته من رحلته العلاجية، كان أولها حل المجلس الشعبي الوطني والدعوة لانتخابات تشريعية مسبقة، وتعديل الحكومة وترقية بعض الولايات المنتدبة والإفراج عن بعض نشطاء الحراك الشعبي. وإن تباين منسوب التجاوب مع هذه القرارات، إلا أن قرار الإفراج عن بعض نشطاء الحراك الشعبي، كان لافتا، لاسيما وأنه جاء عشية إحياء الذكرى الثانية للهبّة الشعبية، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة وأسقطت مشاريعه السياسية. فكيف يمكن قراءة هذه القرارات، وما أثرها على المرحلة المقبلة؟ يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، لزهر ماروك، أن حل المجلس الشعبي الوطني، كان منتظرا، لأن الرئيس تبون كان قد وعد بذلك، فضلا عن أن هذه المؤسسة فقدت شرعيتها ولم تعد تمثل الشعب الجزائري، فضلا عن أن ممارساتها أضرت بسمعة الهيئة التشريعية وشوّهت حتى صورة والدولة، وكانت محل محل إدانة، وبالتالي، يقول ماروك، فإن "حل المجلس كان قرارا صائبا باعتباره أصبح مؤسسة منتهية الصلاحية". التعديل الحكومي بدوره كان منتظرا، فالرئيس عندما كان بصدد السفر إلى ألمانيا في رحلته العلاجية الثانية، انتقد أداء الحكومة، وقد استبعد، يقول ماروك في تصريح ل "الشروق"، الوزراء الذين قيّم أنهم لم يكونوا في مستوى الآمال التي علقت عليهم، لعدم تحقيقهم ما كان منتظرا منهم، ولعل الانتقادات الشعبية التي طالت بعض العناصر الحكومية أبرز دليل على ذلك، وفق المتحدث. أما القرار الآخر والمتعلق بإطلاق سراح نشطاء الحراك الشعبي، فهي محاولة برأي أستاذ العلوم السياسية، لخلق مناخ من الارتياح والطمأنينة، وهو "قرار يعكس ما هو منتظر، وخطوة نحو التهدئة والسماح للنشطاء بالتعبير عن آرائهم بكل حرية في إطار ما يسمح به القانون"، لا سيما وأن هذا القرار كان مطلب الكثير من جمعيات حقوق الإنسان. الأهم في كل هذه القرارات، يقول ماروك، هو أنها تتناغم ومطالب الكثير من الجزائريين، فضلا عن أنها تعتبر إجراءات تهدئة في الوقت الذي تستعد فيه البلاد للدخول في انتخابات تشريعية مبكرة، الأمر الذي من شأنه أن يحفز الكثير على الإقبال عليها، ومن ثم تشييد صرح مؤسسة في مستوى الدور المنتظر منها، مع ما يمكن أن يترتب عن ذلك من إمكانية خلق الديناميكية المفتقدة بسبب حالة الانسداد السياسي التي خيمت على البلاد منذ سنوات. قرارات الرئيس الأخيرة، هي بمثابة "عرض سياسي" قدمه الرئيس تبون ل "الحراك" وللطبقة السياسية ومن ورائهم الشعب الجزائري، يقول الأستاذ بالمدرسة العليا للعلوم السياسية، علي ربيج، مفاده أنه "جاد في نهجه ومصطفّ إلى جانب مطالب الشعب، وهي القرارات التي جاءت في وقتها". كما أن التعديل الحكومي الذي يعتبر الثاني من نوعه في عهد الرئيس تبون، يقول أستاذ العلوم السياسية، جاء تحت طائلة المطالبة الشعبية والحزبية، وإن "كان أقل من المنتظر، إلا أنه شمل الأسماء التي كانت محل غضب شعبي". ووفق ربيج، فإن اقتصار التعديل على عدد محدود من الوزراء، له علاقة ب "عمر هذه الحكومة الذي قد لا يتعدى أربعة أشهر، أي إلى غاية انتخاب مجلس وطني جديد، ولعل هذا الاعتبار هو الذي حال دون تطعيمها بأسماء حزبية. ومن شأن كل هذه القرارات وخاصة إطلاق سراح موقوفي الحراك أن يساهم في حلحلة الوضع السياسي". الخطوات السياسية التي أقدم عليها الرئيس، كان من المتوقع، برأي المحلل السياسي مراد خراب، أن ترى النور قبل اليوم، لكن الظروف التي عاشت البلاد على وقعها منذ أزيد من سنة (فيروس كورونا ثم مرض الرئيس) حالت دون ذلك. لكن ومع ذلك، يضيف المحلل، يمكن القول إن القرارات المتخذة وعلى رأسها حل المجلس الشعبي الوطني، الذي يتماشى ووعود الرئيس الرئيس، فضلا عن إطلاق سراح موقوفي الحراك الشعبي، وغيرها من القرارات، يمكن أن تساهم جميعا في تجاوز الرتابة السياسية الحاصلة، بشرط أن "يتم التعجيل بالترتيبات التي تليها حتى لا يستمر الشعور بالإحباط".