واصل الرئيس عبد المجيد تبون جلسات الحوار السياسي التي أطلقها بعد عودته من رحلته العلاجية مجددا، وجاء الدور هذه المرة على كل من رئيس "حزب الفجر الجديد"، الطاهر بن بعيبش، ورئيس "حزب الجزائر الجديدة" جمال بن عبد السلام، ورئيس "حزب صوت الشعب" لمين عصماني. وتأتي هذه الجولة استكمالا لتلك التي بدأها قبل حل المجلس الشعبي الوطني وتعديل الحكومة، والتي شملت كما هو معلوم، كل من حركة مجتمع السلم وحزب جيل جديد وحركة البناء وجبهة القوى الاشتراكية، وجبهة المستقبل وحركة الإصلاح الوطني. وكان اللافت في جلسات الحوار هذه، استقطاب أقدم حزب معارض في البلاد ممثلا في جبهة القوى الاشتراكية، التي كانت إلى وقت قريب، أحد الأحزاب المشكلة لما يعرف ب"أحزاب البديل الديمقراطي"، وهو القطب الذي عبر في أكثر من مناسبة عن رفضه التعاطي مع مبادرات السلطة منذ نحو أزيد من سنتين من الآن. وأهم ما ميز هذه الجولة أيضا، استمرار تهميش الأحزاب التي كانت موالية للسلطة، ممثلة في كل من حزب جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي.. والتي شكلت على مدار نحو عقدين، الحزام السياسي لنظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، في معطى يؤشر على أن هذه الأحزاب لم تعد تحظى بحظوة سياسية من قبل السلطات الحالية. عودة الرئيس تبون إلى جلسات الحوار السياسي، الهدف منها البحث عن أكبر قدر من التوافق السياسي حول الخطوات التي يتعين مباشرتها في المرحلة المقبلة، ولاسيما في ظل عودة الحركية إلى الشارع، بعد نحو سنة من الهدوء، وفي ظل الاستعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ومن بين المسائل التي يتعين الحسم فيها بالتوافق، موعد تنظيم الانتخابات التشريعية المبكرة التي سيدعو إليها الرئيس قريبا، وحل المجالس المحلية المنتخبة، وإمكانية تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة في يوم واحد، بهدف التخفيف من أعباء الاستحقاقين المنفصلين على الخزينة العمومية المثقلة بتداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني، وتراجع أسعار الذهب الأسود، من جهة، وما يمكن أن يترتب عن ذلك من مكاسب سياسية في حالة جمع الاستحقاقين في يوم واحد، من قبيل تحقيق نسبة مشاركة قياسية في الانتخابات، تعيد للعملية السياسية حيويتها المفقودة. وقبل ذلك، يتعين على السلطة وشركائها السياسيين، الوصول إلى أرضية توافق بشأن القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، باعتباره الإطار القانوني الذي ينظم العملية الانتخابية، التي كانت محل انتقاد على مدار عقود من قبل الشركاء السياسيين. وإن حملت مسودة هذا المشروع (قانون الانتخابات) مؤشرات قوية على توجه السلطة نحو رفع يد الإدارة بالكامل عن العملية الانتخابية، والذي تضمن أفكارا جديدة، من قبيل تبني نظام القائمة المفتوحة بدل المغلقة، إلا أن ذلك يبقى غير كاف، وينبغي أن يتبع بضمانات قوية من قبل السلطات، بمحاربة الممارسات السابقة التي كانت سببا في إفساد العملية السياسية.