لا حديث يعلو فوق صوت زيت المائدة هذه الأيام سواء في الشوارع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا ما تعلق بتلك الصور المشينة التي تصوّر تهافت بعض المواطنين لاقتناء كميات كبيرة من زيت المائدة لتخزينه خشية ندرته ونحن على بعد أسابيع من شهر رمضان الفضيل . وتعكس مثل هذه التصرفات "الهمجية" الغياب الكلي للثقافة الاستهلاكية وغياب التحكم الكلي في السوق، ما جعل الكثير من الجمعيات المهتمة بحماية المستهلك ومواطنين وناشطين جمعويين، يناشدون مؤسسات الدولة من أجل الضرب بقوة كل المضاربين والمحتكرين الذين قد يكون لهم دور أو يكونون سببا في ندرة مادة زيت المائدة على مستوى نقاط البيع بالجملة وبالتجزئة. كما طالب هؤلاء من خلال صفحاتهم وتعليقاتهم بضرورة محاربة المضاربة في الأسعار بعيدا عن الأسعار المقننة والمصرح بها عبر الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية وذلك ما ذكّرت به جمعية أمان لحماية المستهلك ببسكرة عبر صفحتها حيث ذكّرت المواطنين بأن سعر الزيت مسقف ويجب أن لا يتجاوز عند الاستهلاك الأسعار المذكورة في الجريدة الرسمية العدد 15 الصادر في 9 مارس 2011 حيث أن سعر صفيحة 5 لتر يجب أن لا يتجاوز عند الاستهلاك وباحتساب كافة الرسوم مبلغ 600 دج مضيفة أن جشع بعض التجار من جهة وتهافت فئة من وصفتهم ب "الأغبياء" من الشعب على شرائها وتخزينها، جعلا هذه المادة مفقودة وإن وجدت فهي بأسعار خيالية فاقت سعرها المسقف، مذكرة أنه كان الأجدر بالمواطن التبليغ عن المضاربين في هذه المادة لكن وكما كل مرة كحالة السميد السنة الفارطة يبقى المواطن هو من يصنع الأزمات التي تضر به أولا وأخيرا. وفي نفس السياق عاد الكثيرون من مختصين ومواطنين عاديين عبر تعليقاتهم في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي إلى الحديث عن الغياب شبه الكلي لثقافة الاستهلاك والمنطق الاقتصادي الذي يفتقر إليه الكثيرون لتكون تصرفاتهم العبثية واللا مدروسة سببا مباشرا في حدوث أزمات كأزمة الزيت الحالية، فجمعية أمان لحماية المستهلك بولاية بسكرة وفي تعليقها حول هذا الأمر، أكدت عبر صفحتها أننا نحن كمواطنين من يصنع الأزمة ثم نلعب دور الضحايا بعد ذلك، فحراك البطون حسبها لا مستقبل له. فصحيح أن ثمة حقيقة لا يمكن نكرانها وهي أن الثقافة الاستهلاكية هي أقوى سلاح لمواجهة المضاربين ومحاربة الندرة وارتفاع الأسعار. فمنطق التجارة والسوق يقول إن العرض والطلب يتحكمان في الأسعار والوفرة وغياب الوعي لدى الكثيرين هو ما يتسبب في حدوث خلل في المنطق التجاري والاقتصادي لتنشئة الأزمات التي يكون المواطن الساذج هو السبب والضحية في آن واحد. إلى ذلك طالب الكثيرون عبر صفحات التواصل الاجتماعي بدور أكبر للمجتمع المدني وممثلي الجمعيات والأحياء من أجل نشر ثقافة الوعي الاستهلاكي والمساهمة في محاربة المضاربة والاحتكار من خلال الاتصاف بشجاعة التبليغ على المخالفين وبالأدلة والبراهين الدامغة بعيدا عن كل الخلفيات. فدور المجتمع المدني والجمعيات سيما في الأحياء أصبح واسعا وشاملا وهو لا يقتصر على جانب فقط من الحياة بل يجب أن يشمل جميع المجالات خصوصا في الأزمات، حيث يصبح دور هذه الجمعيات وممثلي المجتمع المدني أكبر في مجال التوعية والإرشاد والمراقبة والتبليغ.