كشفت النتائج الأوليّة لعمليات تصحيح اختبارات الفصل الأول، عن "تدهور" نتائج تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي، مقارنة بسنوات ما قبل الكورونا، بينما جاءت نتائج الطور الابتدائي "جيدة". وتنوعت أسباب هذا التراجع، حسب تفسير أساتذة وجمعيات أولياء التلاميذ ومفتشين في قطاع التربية. أكدت دراسة تقريبية أنجزتها تنسيقية أساتذة التعليم الإلزامي والثانوي، عن تحسن نتائج تلاميذ الطور الابتدائي، حيث إن 90 من المئة منهم تحصلوا على معدلات أكثر من 5 على 10، بينما تحصل 40 من المئة على معدلات 9 من 10، والنسبة الأكبر كانت من نصيب تلاميذ السنة الخامسة ابتدائي، أين تحصل 70 من المئة منهم على معدل جيد. وعكس التحسن والتفوق في الابتدائي، شهدت نتائج تلاميذ السنة الأولى متوسط "تراجعا رهيبا"، خاصة في مواد الرياضيات واللغة الفرنسية. وحسب ذات الدراسة، ف 30 من المئة من تلاميذ السنة الأولى تحصلوا على "إنذار"، بينما تحصل تلاميذ السنة الثانية والثالثة والرابعة متوسط، على نتائج جيدة، خاصة في المواد الأدبية، من لغة عربية وتاريخ وجغرافيا، إضافة إلى اللغة الإنجليزية. وكالعادة، بقيت نقاطهم ضعيفة، في مواد الرياضيات واللغة الفرنسية. لهذه الأسباب تفوق تلاميذ الابتدائي.. وأكد رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، أحمد خالد، هذه المعطيات الأولية، مؤكدا في تصريح ل " الشروق"، أن التقارير الابتدائية التي تلقتها جمعيات أولياء التلاميذ عبر مختلف الولايات، كشفت لحد اللحظة، عن وجود تراجع في نتائج التلاميذ. وقال جاءتنا تقارير عن تحسّن نتائج تلاميذ الطور الابتدائي، ومرد ذلك، التحاق تلاميذ هذا الطور بالدراسة "أبكر من نظرائهم في المتوسط والثانوي، وكان ذلك في شهر أكتوبر، كما أن الأطفال الأصغر سنا أكثر استيعابا وانضباطا في القسم وحتى في المنزل، حيث تجدهم لا يتذمرون من المراجعة اليومية مع أوليائهم، عكس الأكبر سنا". واعتبر أن انعدام الإضرابات خلال الفصل الأول في المدارس الابتدائية، على غرار سنوات سابقة، ساهم في تحسن النتائج. متوسطات وثانويات بلا أساتذة إلى اليوم.! وكشف خالد أن نتائج تلاميذ السنة الأولى ثانوي كانت "متدنية وغير مرضية"، بينما جاءت نتائج السنوات الثانية والثالثة ثانوي مقبولة نوعا ما. وفسر الأمر بأن تلاميذ المتوسط والثانوي أقل انضباطا وتركيزا في القسم، رغم وجود نظام التفويج هذه السنة، وأضاف: "تلاميذ السنة الأولى ثانوي، ربما لم يتأقلموا مع دروس الطور الجديد، وننتظر تحسن نتائجهم خلال الفصول المقبلة". ويبقى أهم عامل ساهم في تراجع مستوى الطورين المتوسط والثانوي، حسب محدثنا، هو مشكل انعدام أساتذة مواد الفرنسية والإنجليزية والرياضيات، عبر بعض المؤسسات التربوية إلى اليوم، وهو ما انعكس سلبا على نقاط هذه المواد المهمة. بينما تأسّف النقابي ومفتش التربية السابق، مسعود عمراوي عبر "الشروق"، لسوء نتائج الفصل الأول. وكان من الطبيعي، حسب تعبيره، أن تكون نتائج هذا الفصل حسنة جدا، بسبب تخفيف البرنامج الدراسي على التلاميذ، حيث تم إلغاء ثلاثي دراسي كامل خلال السنة المنصرمة، مع إلغاء الأنشطة المكملة في القسم، واعتماد القسم النموذجي، الذي لا يزيد عدد تلاميذه عن ال 20، ما يسهل عملتي الاستيعاب وفهم الدروس، وبالتالي، "فالتلاميذ قد ضيعوا فرصة كبيرة للتفوق هذه السنة". غير أن المعطيات الأولية، كشفت تدني نتائج الفصل الأول، إن لم نقل كانت "ضعيفة"، في وقت كنا نتوقع حصول تلاميذ الطور المتوسط والمنتقلين إلى السنة الأولى ثانوي أن تائجهم تكون متدنية، بسبب عدم التأقلم مع الطور الدراسي الجديد. بينما تحسن نتائج الطور الابتدائي، كان متوقعا أيضا، بسبب تخفيف البرنامج الدراسي، وصاروا يدرسون يوما بيوم. مختصون: حذار من تعنيف الأولياء بسبب النتائج الضعيفة وبخصوص ظاهرة تعنيف الأولياء لأبنائهم المتحصلين على نتائج ضعيفة، تصل أحيانا حد الضرب المبرح، دعا البروفيسور في علم النفس، أحمد قوراية في هذا السياق، الوالدين إلى ضبط النفس واعتماد تربية سلوكية صحيحة تجاه أبنائهم. وقال إن الأطفال بعقولهم الصغيرة وبتكوينهم النفسي الحسّاس، يحتاجون إلى العاطفة والحنان لأجل النمو السليم، "ولكن بعض الأولياء، قد يستعلمون مع أبنائهم طريقة غير لائقة، تنتج لديهم خوفا مرضيا". وحسبه، يكون بعض الأولياء أكثر عنفا، مع اقتراب الامتحانات الرسمية لأبنائهم، فيلجأ الأب إلى ما يسمى "العسكرة النفسية" تجاه ابنه، بمعنى أنه يهدده في حال لم يأت بنتائج مرضية، وهو ما يؤثر سلبا على نفسية الطفل، الباحث عن اهتمام وتعاطف سلوكي في عقله الصغير. في وقت تلجأ الأمهات إلى "النرفزة النفسية" فنجدهن أكثر عنفا وتطرفا، مع اقتراب امتحانات التلاميذ، مُعرضين أطفالهن إلى رعب نفسي وفوبيا مرضية، مع تهديدهم بحرمانهم من حقوقهم في اللّعب والمرح. والفوبيا التي تُصيب الطفل، تولد لديه رعبا خفيا من نتائجه المدرسية، ويرى في والديه وكأنهم "أعداء له، فيفكر في الهروب من المنزل وحتى الانتحار، في حال كانت نتائجه الدراسية سلبية". ويدعو المختص الأولياء إلى مرافقة أبنائهم نفسيا وعاطفيا، والإتمام بحقوقهم، وعدم تهديدهم بحرمانهم من اللعب باعتباره "ضروريا وهو من العمليات البيداغوجية لحفظ التوازن النفسي والعقلي للأطفال". مع تحفيز المتمدرسين بعبارات مثل "أنت ذكي وتفهم كثيرا"، "أنت قادر على الحصول على نتائج جيدة".. حيث يحتفظ بها عقله الباطن ويطبقها لاحقا، وتغرس فيهم الثقة بالنفس.