كانت مجرد إطلالة، صباح السبت، في حدود الثامنة، من عامل ببريد حي الزيادية بأعالي قسنطينة، وهو يقول للزبائن بأن السيولة غير موجودة ويمكنهم المغادرة، سببا في توتر العشرات من المواطنين والمواطنات الذين حضر بعضهم على الساعة السابعة صباحا من أجل الحصول على راتبه أو منحته، بينما تساءل المواطنون عن السبب الذي يحول دون إخبار الناس بعدم وجود السيولة وتركهم تحت الأمطار الغزيرة، ومن دون أدنى التزام بالبروتوكول الصحي في تزاحم وطوابير تمتد لأكثر من ساعة من الزمن، إلى غاية ما بعد الساعة الثامنة، بينما تحوّل مواطنون إلى رادارات تتابع حركة مراكز البريد لمعرفة التي تتوفر على السيولة من الخارجة عن الخدمة. وقد ازدادت هذه الأيام أزمة ندرة السيولة المالية، في مكاتب البريد حدّة بمختلف الولايات الداخلية، بعدما امتدت إلى الوكالات البنكية بولايتي قالمة وعنابة، حيث تشهد مقرات مكاتب البريد والوكالات البنكية، هذه الأيام طوابير طويلة للمواطنين الذين يضطرون للنهوض في الساعات الأولى من صباح كل يوم والتوجه نحو مكاتب البريد أو الوكالات البنكية، آملين في الظفر بفرصة لسحب مرتباتهم الشهرية. ولم تعد أزمة ندرة السيولة محصورة على مواعيد صب الرواتب الشهرية لمختلف الأسلاك والقطاعات ولا حتى معاشات المتقاعدين، بل تحولت في الفترة الأخيرة إلى ظاهرة يومية، بوقوف المئات من النساء والرجال من مختلف الأعمار ولساعات طويلة أمام مكاتب البريد أو الوكالات البنكية، في مشهد يتكرر مع فجر كل يوم جديد، دون أن تتحرك الجهات الوصية ولو بإصدار بيان توضيحي حول ما يحدث، بل أكثر من ذلك فإن مسؤولي قطاع البريد والمواصلات كل تصريحاتهم محصورة على ذكر أرقام المبالغ المالية التي يتم سحبها فقط، دون ذكر الأسباب الحقيقية لندرة السيولة في مكاتب البريد. وتحول مجرد التفكير في سحب الراتب الشهري للعمال والموظفين إلى هاجس يؤرّق المواطنين البسطاء، حيث أكد بعضهم ل"الشروق اليومي"، أنهم اضطروا للنهوض مع الساعات الأولى من الفجر والتوجه إلى البريد لكنهم اصطدموا بطابور طويل من المواطنين الذين سبقوهم في الانتظار، وهذا هو الحال بالنسبة لأغلب المواطنين الذين يقضون أوقاتا طويلة في انتظار الدور. وعلى الرغم من التصريحات التي كان أطلقها مسؤولو قطاعي المالية والبريد قبل أشهر والتزامهم بتوفير السيولة المالية في مكاتب البريد، إلاّ أن الأزمة أضحت تزداد حدّة من يوم إلى آخر، ما عمّق من معاناة المواطنين، الذين لم يجدوا أي تفسير لندرة السيولة واستمرار الأزمة على مدار نحو سنة كاملة. كما أن الحلول التي انتهجتها إدارة بريد الجزائر باعتماد نظام جديد بتوزيع مواعيد صب معاشات متقاعدي مختلف الأسلاك، على مدار أيام مختلفة من الشهر لم تجد نفعا، خاصة ونحن على مشارف شهر رمضان حيث يتطلب التسوق مزيدا من السيولة.