يرتقب إحالة 1.932 مليون حساب بريدي خاص بالتجار أي قرابة مليوني حساب على البنوك من إجمالي 25 مليون حساب جاري تسيّره مؤسسة بريد الجزائر، بناء على تعليمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الموجهة إلى أعضاء الحكومة خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير. ويهدف هذا الإجراء إلى القضاء على أزمة السيولة بمراكز البريد، وتقليص عمليات السحب الكبرى التي يقوم بها التجار والتي جعلت نسبة السحب اليومي على مستوى مراكز البريد تصل في حالات الذروة، على غرار شهر رمضان المنصرم 1000 مليار سنتيم يوميا، و34 ألف مليار سنتيم خلال شهر. وتؤكد المكلفة بالإعلام والاتصال على مستوى مؤسسة بريد الجزائر، إيمان تومي في تصريح ل"الشروق" أن المؤسسة لم تتلق لحد الساعة أية معطيات أو تفاصيل عن التعليمة التي أمر بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وترفض الخوض في الملف إلى غاية تلقي المعطيات اللازمة عن كيفية تنفيذ الإجراءات الأخيرة. بالمقابل، كشف مصدر من قطاع البنوك في تصريح ل"الشروق" أن خلفية القرار الأخير، مرده إلى رغبة الحكومة في تخليص مؤسسة بريد الجزائر من الضغط الكبير الذي تجابهه جراء عمليات السحب الكبرى التي يقوم بها التجار، والتي تتسبب في أزمة سيولة مستمرة منذ أزيد من سنة دون إيجاد حل، ففي حين يكتفي المواطنون بعمليات سحب عادية لا تتجاوز معاش التقاعد أو الراتب الشهري، يقوم التجار بسحب مبالغ هامة تفاقم أزمة السيولة النقدية. وستتمكن البنوك من فرض رقابة أوسع على عمليات دخول وخروج السيولة النقدية مقارنة مع مؤسسة بريد الجزائر، بالنظر إلى طريقة تعاملها مع أصحاب الحسابات وتوفرها على كافة المعطيات التي ترافق عملية الإيداع والسحب، وتسييرها لعدد قليل من الحسابات البنكية لا يتجاوز في مجموعه 3 ملايين حساب بنكي، في حين تسيّر مؤسسة بريد الجزائر 25 مليون حساب بريدي، كما لا تشتكي البنوك من أزمة سيولة نقدية لحد الساعة على خلاف البريد الذي تستمر على مستواه أزمة السيولة منذ أزيد من سنة، ويرتقب أن تشتد قريبا بسبب تنامي الطلب على النقود خلال شهر رمضان المقبل. وحسب ذات المصدر، فإن الإجراء الأخير الذي اتخذه رئيس الجمهورية تكميلي لقرار إلزام التجار بداية من الفاتح جانفي 2022 بالتعامل عبر بطاقات الدفع "سي إي بي"، وأجهزة الدفع متعددة الأطراف الإلكترونية، حيث تم تحديد تاريخ 31 ديسمبر المقبل كآخر أجل للالتزام بالإجراء. ومن جهة أخرى، قال الخبير في مجال التكنولوجيات والاتصالات، يونس قرار، في تصريح ل"الشروق" إن الخطوة الأخيرة الخاصة بغلق حسابات قرابة مليوني تاجر من البريد، مع أنها خطوة جريئة، وتستثني تجار الجنوب، فإنها تحمل في مضمونها الكثير من الإرباك للبنوك التي ستستقبل هذا العدد الكبير من التجار، وأيضا لأصحاب السجلات التجارية الذين سيضطرون إلزاميا لتغيير طريقة تعاملهم، وهو ما قد يجعلهم غير مدركين لطريقة الإيداع والسحب مستقبلا. ويشدد المتحدث على أن الحل الأمثل للتخلص من أزمة السيولة النقدية يكمن في تعميم الدفع الإلكتروني وتقديم تحفيزات للمواطنين والتجار الذين يعتمدون هذه الطريقة في الشراء والبيع عبر إعفائهم من الرسم على القيمة المضافة على سبيل المثال، إلى غاية انتشار هذا الأسلوب الجديد وتمكن نسبة كبيرة من المواطنين على التعوّد عليه. وعاد المتحدث ليذكّر بتصريح وزير المالية الأخير والذي قدّر حجم الأموال النائمة في السوق السوداء ب60 مليار دولار، مشدّدا على أن هذه المبالغ كافية لحل أزمة الجزائر المالية ووأد أزمة السيولة بشكل نهائي.