مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في الثاني عشر من جوان المقبل، نشط دعاة المشروع الآخر والمتمثل في الداعين إلى المرحلة الانتقالية، فيما بدا محاولة للتشويش على التحضير في هدوء للاستحقاق المقبل. والدعوة إلى المرحلة الانتقالية مطلب يعود إلى المرحلة التي أعقبت استقالة الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، لكنها تبرز وتختفي حسب تطور الأحداث وتسارعها، وقد عادت هذه الأيام بقوة، على لسان أكثر من ناشط سياسي، لكن بتصورات ومطالب مختلفة عن تلك التي عهدها الجزائريون. ومن بين السياسيين الذين أعادوا رفع هذا المطلب الذي اختفى مباشرة بعد انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، قبل أن يعود إلى الواجهة مجددا، زبيدة عسول، رئيسة حزب صغير يدعى "الاتحاد من أجل التغيير والرقي"، والتي التقت السفير الفرنسي، فرانسوا غويات مؤخرا، وكذا بعض الناشطين في "الحراك الشعبي" وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. مواصفات المرحلة الانتقالية، وفق منظور عضوة المجلس الوطني الانتقالي في تسعينيات القرن الماضي (زبيدة عسول)، تتمثل في "إقامة فترة انتقالية قصيرة، يتم خلالها تشكيل حكومة يقودها رئيس وزراء، تحال إليه بعض صلاحيات الرئيس، يتولى التحضير لانتخابات رئاسية جديدة يدعو إليها الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، تجرى في غضون عام 2022″، كما جاء في فيديو متداول على شبكات التواصل الاجتماعي. ويتقاسم مع عسول هذا المطلب مجموعة من الأحزاب مثل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحزب العمال، وبعض الأحزاب الصغيرة، مثل الحركة الديمقراطية الاجتماعية، وكل هؤلاء قاطعوا الانتخابات الرئاسية الأخيرة. الرد على عسول لم يتأخر كثيرا، وجاء على لسان الرجل الثاني في الدولة، رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل، الذي رفض جملة وتفصيلا هذه المطالب، عندما قال إن "الجزائر تجاوزت المرحلة الانتقالية، ولن تعود إليها مطلقاً، على الرغم من محاولات البعض الدفع باتجاه ذلك"، وذهب قوجيل بعيدا في انتقاد الداعين إلى المرحلة الانتقالية، وقد وصفهم ب"الأبواق المشككة في الإرادة الصادقة للدولة، والتي لا يعجبها أي شيء، وكأنّ الجزائر لم تخط أيّ خطوات نحو الأمام". ولم تكن رجالات السلطة هي الوحيدة التي تصدت لمثل هذه المطالب، التي سبق وأن رفضت، بل تلتقي معها شخصيات سياسية والعديد من أحزاب معارضة، ترى في المرحلة الانتقالية خطرا على استقرار الدولة ومؤسساتها الدستورية، وهي أحزاب ذات قاعدة ولها ثقلها. ومن بين هذه الأحزاب، حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة وحركة البناء، والفجر الجديد وحزب جيل جديد.. بالإضافة إلى أحزاب الموالاة سابقا، مثل حزب جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي، وكل هؤلاء يدعون إلى التمسك بالحل الدستوري، ويعتبرون المرحلة الانتقالية "خطر على السيادة الوطنية وعلى التدخل في الشأن الداخلي، ولما فيها من تعطيل لدور المؤسسات، وما تزال متشبثة بالخط الدستوري"، وفق تعبير المرشح السابق للانتخابات الرئاسية، عبد القادر بن قرينة. ويضاف إلى هؤلاء الاتجاه العام للجزائريين على مواقع التواصل والذي يحذر من مخاطر الفراغ المؤسساتي والفوضى التي يراد جرّ البلاد إليها بعناوين الانتقال الديمقراطي.