يجمع المتجولون هذه الأيام في شوارع العاصمة وأزقتها على غياب "بنة عيد الفطر"، فقد اختفت رائحة الحلويات الشهية وعطر ماء الزهر الذي كان ينبعث من البيوت بحلول العشرة الأواخر من شهر رمضان، وغياب وقت كانت فيه صناعة الحلويات يعتبر حدثا تستعد له العائلة بأكملها فتستعين في تحضيرها بالجيران والأقارب، لتتراجع هذه العادات الجميلة أمام كسل بنات الجيل الحالي اللواتي يفضلن شراء الحلويات الجاهزة من السوق. تشهد محلات بيع الحلويات الجاهزة في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، إقبالا كبيرا من سيدات وشابات يقفن في طوابير طويلة لشراء كميات من الحلويات الجاهزة ليزيِّن بها موائدهن صبيحة عيد الفطر السعيد، فبداخل محل حلويات "الأفراح"، وجدنا إحدى العجائز المُسِنَّات رفقة زوجها تقوم باختيار علبة من الحلويات التقليدية بعناية فائقة وهو ما استغربناه، لتطلب منا مساعدتها في اختيار نوع ثالث مابين "المشكلة" أو "الدزيريات"، وهو ما فتح أمامنا باب الحديث معها حيث أخبرتنا أنها في الستينات من العمر، مصابة بالروماتيزم والسكري، وهي تقيم حاليا بمفردها بعد أن زوّجت كل أبناء زوجها، وبسبب ظروفها الصحية فضلت هذه السنة شراء الحلويات من السوق كمجرد فأل فقط لتقدمها لضيوفها. في حين ترى "نائلة" ماكثة بالبيت، أنها بشرائها حلويات العيد تريح نفسها من تعب تحضيرها تحت درجة حرارة تفوق الأربعين، كما أن ضيق المنزل ومشاكل الأطفال تمنعانها من ذلك. مضيفة أن صيام شهر رمضان استنزف كل قواها لذا اتفقت مع زوجها على شراء الحلوى، وبعملية حسابية وجدت أنها ستوفر المصاريف عند شرائها فسعر الحبة باللوز يتراوح مابين 50 و70 دج وهو ثمن معقول جدا مقارنة بسعر الكيلوغرام الواحد المقدر ب 1600 دج. وفي هذا الصدد تقول "رشيدة" صانعة حلويات من باش جراح، أن أغلبية النساء يرين في شراء الحلويات الجاهزة توفيراً للجهود والمصاريف، مستطردة أن أغلب زبائنها من الشابات والسيدات العاملات والماكثات في البيت على حد سواء لا يجدن صناعة حتى حبة حلوى، ومنهن من تخشى تحضيرها بمفردها. مواصلة أن الطلب يكثر في العيد على الحلويات التقليدية ك"التشاراك"، "العرايش"،"البقلاوة" والحلويات الجافة، وقد تلقت في هذه الأيام ما يفوق 50 طلبية والرقم مرشح للتضاعف في الأيام الأخيرة.