لا حديث في أوساط الشارع العاصمي منذ قرعة الدور الفاصل المؤهلة للنهائيات كأس العلم 2014 بالبرازيل، إلا عن مباراة المنتخب الوطني ضد نظيره البوركينابي، التي ستجري غدا السبت بواغادوغو، حيث شهدت الشوارع والطرقات عبر كل أنحاء العاصمة، على غرار مناطق الوطن الأخرى، طيلة نهار أمس تواصل الاحتفالات، حيث تزينت المحلات بأقمصة "الخضر" ورفعت الأعلام الوطنية في شوارع العاصمة، إلي جانب منبهات السيارات التي امتزج صوتها بأهازيج فولكلورية، وسط أجواء ساخنة مليئة بالروح الوطنية وتفاؤل بالفوز، حيث ردد المشجعون عبارة "رانا جايين يا البرازيل". المتجول في شوارع العاصمة وأحيائها، على غرار ميصوني وديدوش مراد وأودان وباش جراح وعين النعجة والقبة، يلاحظ حركة غير طبيعية، فالكل يتحدث عن مباراة 12 أكتوبر الهامة والمثيرة، فالألوان الوطنية زينت شرفات المنازل والمحلات التجارية وصور تايدر، بوقرة، غولام ومهدي مصطفي ولحسن ملأت المكان، فيما يأمل الشبان تحقيق فوز كبير للمنتخب الوطني على الخيول البوركيانبية، رغم صعوبة المهمة، وتعدى الاهتمام بهذا الموعد الحاسم فئة الشباب إلى المسنين، الذين لم يفوتوا فرصة الاستمتاع بهذه الأجواء، حيث يدور حديثهم في المقاهي والمجالس عن المنتخب الوطني، والمقابلة المصيرية التي تنتظره، إنه العرس الذي يستعد له الجزائريون وينتظرونه على أحر من الجمر. وبالمقابل، تشهد محلات بيع الأشرطة الغنائية إقبالا كبيرا عليها، رغم أن الأغاني قديمة، تغنى بها بعض المطربين، وكذا الفرق الغنائية على غرار فرقة "طورينو" التي ألهبت حماس الجزائريين، وشهدت رواجا كبيرا خلال المباراة الفاصلة بين المنتخب الوطني ونظيره المصري عام 2009، وأثناء جولة قامت بها الشروق لمحلات بيع الأشرطة والأسطوانات، أكد لنا "محمد" صاحب محل ببلدية الجزائر الوسطى، أن أغاني المنتخب الوطني الجزائري القديمة لا يزال لها صدى قوي وسط المشجعين، بالرغم من تغير تشكيلة المنتخب الوطني والطاقم الفني، إلا أن الجزائريين لا يزالون يحنون إلى الأشرطة القديمة، التي شيدب اللاعبين كريم زياني ومجيد بوقرة، وشيخ المدربين رابح سعدان، وأثناء تجولنا في المحل، لاحظنا مدى الإقبال على اقتناء الأسطوانات والأقراص المضغوطة بسعر 100 دج، والتي تحمل أغاني ذات طبوع رياضية، كأغاني الثنائي الشاب توفيق وحسيبة "ألي ليفار" و"لي مي حبش لا لجيري يشوف توم وجيري"، حيث وجدت رواجا قويا لتزامنها مع الأحداث الرياضية الهامة، خاصة التي يلعبها الخضر في تصفيات كأس إفريقيا وكأس العالم، وليس من الممكن أن تكتمل فرحة النصر إلا على وقع هذه الأغاني التي تلهب حماس المناصرين وعشاق الفريق الوطني، سيما إذا امتزجت بزغرودة جزائرية أصيلة، على حد قول أحد المشجعين.
للرايات والقبعات النصيب الأكبر فضل معظم الباعة الفوضويين، على غرار باقي التجار الشرعيين، ممارسة النشاط الملائم للحدث، وعرض السلع التي تتماشى والمناسبة، حيث قام جلهم بعرض الأعلام الوطنية بمختلف الأحجام (كبيرة متوسطة صغيرة)، والقبعات ب450 دج وتختلف في سعرها هي الأخرى باختلاف الأحجام وكذا "الشالات" الحاملة للألوان الوطنية "أحمر أخضر أبيض" ب250 دج، حيث أكد لنا جمال بساحة الشهداء، والذي يختص في بيع الرايات التي تحمل عبارات "تحيا الجزائر" أو "وان تو ثري فيفا لا لجيري" و"معاك يا الخضرا"، أكد لنا بأنه يبيع سلعته بأسعار معقولة، "نحن نبيع وفق الطلب المتزايد، على كل ما له علاقة مباشرة بالمباراة".
سوق القمصان تنتعش... وعشق المنتخب الوطني أصبح كالدماء الجارية في عروق الجزائريين، ذلك ما يجسده إقبالهم على اقتناء الأقمصة، فالفرصة لا تعوض بالنسبة للتجار الناشطين، بحيث وصلت بذلة الخضر الموجهة للصغار إلى 700 دينار، إلا أن الكل أجمعوا على شرائها، كون تلك الأجواء الحماسية ورفع معنويات الخضر لا يقارن بأي ثمن، فحتى شابات في مقتبل العمر يتهافتن على شراء قميص الخضر، حيث أكدت لنا نسرين قائلة "سأشتري قميصا لتايدر وصخرة الدفاع بوقرة، ولا يهمني السعر مهما ارتفع، فالمهم هو أن أفرح"، وأكدت أنها يوم المباراة سوف تلبس قميص تايدر، في حين أن أختها ستلبس قميص بوقرة، وقالت إن المشكل التي صادفته هو انعدام قمصان بعض اللاعبين، نظرا للتهافت الكبير عليها، وقالت إنها ستبحث عنها في محلات أخرى، إلى غاية العثور عليها ، أما خالتي زوليحة، فقالت إنها تسعى إلى شراء البذلات الخاصة بلاعبي المنتخب الوطني لأحفادها البالغ عددهم خمسة، لكي لا تغضب أحدا منهم، مضيفة "المهم تربح الخضرا".
فرقة "نابولي" تشحذ همم أنصار المنتخب الوطني بأغان تشجيعية سجلت فرقة "نابولي" النشطة في مجال الأغنية الرياضية أغنيتين، خاصتين بالمنتخب الوطني، الأولى لتشجيع مدرب المنتخب الوطني وحيد خاليلوزيتش ودعم تشكيلته في المقابلة التي ستقام في أدغال بوركينا فاسو للظفر بتأشيرة مونديال البرازيل بعنوان "يا الخضرا يا مون أمور". ووقفت "الشروق" حصريا على بعض المقاطع من الأغنية التي كتبها رؤوف لحزين بألحان وأداء أعضاء الفرقة المتكونة من كل "شيشي الخلوي" وياسين "فلوسة" و"حقو الكناري"، حيث جاء فيها: "نقطع لجبال ونزيد لبحور نروح معاها لطرف الدنيا في الطيارة ولا البابور لا تحتمت نروح برجليا أنتيا الخضرا مون أمور أنتيا عمري وعينيا رانا معاك جوسكا لامور هكذا وصاوني والديا". وأشار رؤوف في حديثه معنا إلى أن هذه الأغاني أتت للرفع من معنويات لاعبي المنتخب الوطني ودفع الأنصار لمتابعتهم ومساندتهم في مواجهتهم للمنتخب البوركينابي، بعد أن أحس بتراجع تلك الحرارة مقارنة بالتي عرفتها ملحمة أم درمان رغم أن المباراة الفاصلة الحالية مهمة، متمنيا أن تشارك الجزائر في المونديال مرة أخرى.