تكلفة الحج ستعرف انخفاضا محسوسا تحت تسيير الديوان الجديد سيعرف تنظيم عملية الحج والعمرة ابتداء من الموسم القادم تنظيما أحسن وشفافية بعد موافقة مجلس الحكومة على إنشاء الديوان الوطني للحج والعمرة، حيث تؤكد مصادر أن تكلفة الحج للسنوات المقبلة ستعرف انخفاضا محسوسا، بعد تقدير سعر الخدمات تقديرا حقيقيا وتسيير الأموال التي تكدست لدى بنك الجزائر من مساهمات الحجيج. الديوان الجديد الذي سيحل محل اللجنة الوطنية للحج والعمرة حسبما عرفته الحكومة في بيان مجلسها هو "مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي يتولى باسم الدولة مواصلة التكفل بالخدمة العمومية عن طريق دفتر أعباء مقابل مساهمة من طرف الدولة في تمويل جزء من نفقات التسيير، يقع تحت وصاية وزارة الشؤون الدينية والأوقاف يسيره مجلس إدارة ويشرف عليه مدير عام " و أكثر من ذلك سوف يمكن من تسيير محاسبي ومالي يقوم أساسا على مبادئ الشفافية والنجاعة الاقتصادية للعملية. وبالنظر إلى المصطلحات التي استعملها بيان الحكومة نفسه في وصف الجدوى من إنشاء مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري وصناعي لتسيير عملية الحج و "إرادة السلطات العمومية في ضمان ظروف مواتية لتمكين المواطنين من تأدية مناسكهم" إضافة إلى الترشيد المالي للعملية، يثبت ان تنظيم عملية الحج خرجت بمخالفاتها عن يد اللجنة الوطنية للحج والعمرة وحتى وزارة الشؤون الدينية، بما لوحظ من تسيب مالي وتجاوزات قانونية، أثبتها تقرير المفتشية العامة للمالية الذي نشرت تفاصيله "الشروق اليومي" بداية السنة الجارية وطعنت فيه أعلى هيأة لمراقبة الاموال العمومية في كل الجوانب المتعلقة بتسيير اللجنة الوطنية للحج والعمرة لعملية الحج، على اعتبار أن هذه الأخيرة تسبّبت في خسائر كبيرة تُقدر بالملايير من ميزانية تعتمد أساسا على مساهمة الحجّاج الجزائريين، يضاف إليها الشكاوى المتزايدة للحجاج الجزائريين من مستوى الخدمة وتدني التكفل مقابل تكلفة الحج التي تفوق بكثير مستوى الخدمة. ويأتي اقتراح إنشاء الديوان الوطني للحج والعمرة كهيأة مستقلة في التسيير والمراقبة تقع تحت وصاية الشؤون الدينية وبصلة مباشرة برئاسة الحكومة، بمبادرة من وزير الشؤون الدينية نفسه، بعد إعداد حصيلة مفصلة حول أعمال اللجنة الوطنية للحج والعمرة التي يرأسها شخصيا لكن تنضوي تحتها قطاعات فاعلة أخرى، مثل المالية، الداخلية، الخارجية، الصحة، السياحة والنقل ما جعل ترأس الشؤون الدينية للجنة أمرا شكليا في بعض المواضع، حيث يظهر اختلال ميزان القوى بين الرئاسة والأعضاء عندما يتعلق الأمر بالتنظيم واختيار الخدمات وتسيير الأموال. فاللجنة الوطنية للحج والعمرة "ليست كافية لأداء المهمة المنتظرة منها" حسب تقدير الحكومة وبناء على التقرير الذي أعدته وزارة الشؤون الدينية والذي قيمت فيه عمل اللجنة منذ سنة 1980 اتضح أن تنظيم تسيير عملية الحج أصبحت تطرح إشكالات قانونية، اقتصادية وعملية، بعدما كشفت المفتشية العامة للمالية أن اللجنة الوطنية للحج والعمرة ما هي إلا هيأة استشارية لا تتمتع بالشخصية المعنوية بل ليست أصلا من الأشخاص الاعتبارية التي تحددها المادة 49 من القانون المدني، وبالتالي لا يمكن أن يكون لها الاستقلالية المالية، في حين يثبت الواقع أنها تمتلك مجموعة من الأملاك، عمارة وحظيرة سيارات فيها النفعية والخاصة، إضافة إلى مقراتها بمكة والمدينة بالعربية السعودية وتجهيزات أخرى مختلفة. فإذا كان سوء تسيير أمور الحجاج ينسب علنا أو سرا إلى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، باعتبار العملية كلها تخص ممارسة ركن من أركان الإسلام، مما يجعل مسؤولية القطاع تبدو آلية، إلا أن اللجنة ومثلما ذكرنا من قبل تتكون من قطاعات أكثر فاعلية ابتداء من وزارة المالية التي عجزت عن ضبط ميزانية الحج وتسيير أمواله، حسب مفتشية المالية، إذ يشير النص القاضي بإنشاء اللجنة بتنفيذ ميزانيتها وفقا للمحاسبة العمومية بينما تقتصر رقابتها من الناحية العملية على ميزانية البعثة الجزائرية للحج، بينما تودع الأموال الأخرى من اشتراكات الحجاج (وهي أساس ميزانية اللجنة دون مشاركة عمومية) في بنك الجزائر دون رقابة ولا محاسبة ما جعل كميات كبيرة منها تتراكم في البنك دون معرفة مصيرها، كما أن حجم الأموال وتحويلها إلى العملة السعودية والآجال القصيرة التي يتم فيها جمع اشتراكات الحجاج وتحويلها إلى المن بنك الجزائر لفائدة المتعاملين السعوديين يجعل العملية مشوبة بكثير من المخالفات. وحسبما ذهبت إليه مفتشية المالية وأيدته الدراسة التمهيدية لإنشاء ديوان الحج والعمرة، فإن المبلغ الذي يدفعه الحاج الجزائري يفوق ما يقابله من خدمة أو بعبارة أوضح تكلفة الحج المطبقة حاليا لا تعكس تكلفة الحج الحقيقية، بقدر ما تعكس تكاليف إضافية لا مبرر لها، توضع على كاهل الحاج دون وجه حق ولا قانون. وربما تفسر هذه المصاريف الزائدة التي جرت العادة تحميلها الحجاج، رغم أن العملية مربحة وتسجل فائضا كل سنة، بعدد أعضاء البعثة الجزائرية وعدد أفرادها 800 نصفهم من الشؤون الدينية ونصفهم من باقي القطاعات، حيث سجل عدم استغلال 500 منصب شغل (حج) من طرف هؤلاء انتقصت من الحصة الفعلية للجزائر، رغم المجهودات المبذولة في زيادة حصة الجزائر في كل سنة. من جهة أخرى يظهر أن ما جعل الحكومة تفسر إنشاء مثل هذا الديوان ب "تشجيع ظهور الاحترافية في تأطير الحجاج وفي تشجيع تسيير مالي شفاف وناجع " هو أيضا عدم نجاعة أعضاء البعثة وأن 60 بالمائة منهم دون المستوى وتغيرهم من سنة إلى أخرى، مما لا يمكن من احتراف الأعضاء، باستثناء وزارة الشؤون الدينية، حيث يتغير الأطباء والمرافقون والطيارون كل سنة وقد استفادت شركة الخطوط الجوية الجزائرية من 100 مكان بالبعثة لطاقمها لكن رغم ذلك تظل الخدمة التي تقدمها للحجاج متدنية مقارنة بشركات أجنبية، كما أن سعر التذكرة يظل في ارتفاع غير معقول ولا مبرر رغم أن الحج يوفر للشركة رقم أعمال يقدر ب2 مليار دينار سنويا وتحتفظ وحدها امتياز احتكار سوق الحج بدون منافس، حيث بلغ سعر تذكرة الحج السنة الماضية أكر من 9 ملايين سنتيم. من أجل هذه النقائص كلها أعطى رئيس الجمهورية خلال تخصيصه جلسة استماع شهر رمضان لوزير الشؤون الدينية، حسب مصدر موثوق، موافقته على إنشاء هذا الديوان بعدما تبين أن المشروع خلال دراسته سجل معارضة واضحة منظمة للإصلاح المقترح، الذي يدخل ضمن المشروع العام لإصلاح الدولة وتنازل الإدارة العمومية عن بعض النشاطات من اجل خلق إطار ملائم للاحترافية ومطابقة عملية الحج والعمرة مع المقتضيات الوطنية والدولية للمحاسبة العمومية. غنية قمراوي