خضير بوقايلة [email protected] أستسمح القارئ الكريم لأنني قررت هذه المرة أن أخوض مع الخائضين في مجال من الكتابة أعترف أنني أجهل الناس بها، لكن بعد ما قرأت وسمعت طيلة الأسبوع الماضي وهذا الأسبوع بعث في داخلي شحنة من حب دخول المغامرة وربي يجيب العواقب سليمة. كل الصحف تقريبا أبرزت حكاية أخينا في الوطن الأستاذ حسن حطاب مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال والرافض لتأسيس القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والمقتنع بضرورة تجسيد مشروع السلم والمصالحة في الجزائر والرافض للانخراط في هذا المسعى. أعرف أنني بدأت أهذي لكنني أطلب منكم مرة أخرى أن تحترموا حقي في خوض هذه المغامرة وأعدكم أنني لن أعود إليها مرة أخرى. وقبل أن أواصل أود أن أنقل إليكم بعض عناوين الصحف التي تطرقت إلى موضوع محاكمة الأخ حسن حطاب التي كانت مقررة يوم الأحد الماضي ثم تأجلت إلى فرصة أخرى. من هذه العناوين نقرأ (حسان حطاب غير موجود في السجن والعدالة لم تتلق ملفه)، (حطاب مصنف تائباً ولن يمثل أمام محكمة الجنايات بالعاصمة)، (قضية حطاب: الاضطراب الكبير)، (حطاب غير مقيم في أية مؤسسة عقابية وعلى دفاع المتهمين إثبات مكانه)، وأتوقف هنا حتى لا يتيه المرء كثيراً. الصحف الفرنسية نقلت عن وزير الداخلية قبل أسابيع قوله إن حطاب سلم نفسه للسلطات وهو في عداد التائبين، وكان بهذا قد أكد السبق الذي حازه بعض الزملاء الأعزاء الذين لا يشق لهم غبار عندما يتعلق الأمر بالأخبار الأمنية وبأدق تفاصيل حياة المسلحين في الجبال وفي كل مكان وسأعود لاحقا إلى بعض هذه التفاصيل التي استثارتني عندما قرأتها. إذن الأخ حسن حطاب سلم نفسه للسلطات والقضاء برمج جلسة لمحاكمته وهو لا يعلم أنه موجود بين أيدي السلطات ويطلب من المحامين أن يبحثوا عنه أو يثبتوا بالدليل القاطع أنه ليس فارا ولم يعد يعيش في الأدغال، والدليل القاطع هو أن يتطوع الأساتذة المحامون لاقتحام مقرات السلطات والبحث عن الأخ حطاب وإقناعه بالمثول أمام القضاء أو أن يختطفوه ويحضروه إلى المحكمة. وإذا لم تخني ذاكرتي الضعيفة في مثل هذه الحكايات أعتقد أن رأس الأخ حطاب لا تزال مطلوبة بمبلغ مالي مغرٍ، وهذا سيكون حافزا آخر للأساتذة المحامين للاجتهاد في عملية البحث والتنقيب عن الأخ التائب الفار. وحتى تسهل عليهم عملية البحث أعطيهم بعض (الخيوط)، واحتراما لجهد الزملاء الأعزاء الضالعين في خفايا العمليات الإرهابية أشير إلى أن حقوق تأليف هذه المعلومات المفيدة في تعقب أثر الأخ حطاب تعود إليهم وقد استمتعت بقراءتها مثلما استمتع آلاف القراء بها. أهم هذه المعلومات تقول إن الأخ حطاب يسوق سيارة مرسيدس خضراء اللون (وليتهم أخبرونا هل هي من فئة الكاوكاوة أو البوعوينة أم ذات دفع رباعي وهل هي بلون أخضر فاتح أم غامق وهل لوحة ترقيمها جزائرية أم ألمانية)، وهذه المرسيدس وفرتها له السلطات ليتنقل بها في جبال وغابات منطقة سيدي علي بوناب لحشد التأييد للمصالحة الوطنية واستنزاف قوى رفقائه السابقين. الأخ حطاب، حسب الصور النادرة المتوفرة له، لا زال ملتحيا وهو يملك جهاز كمبيوتر نقال، الظاهر أنه يعرف جيدا استعماله، لكن لا ندري إن كان الجهاز مزودا بما يلزم للاتصال عبر شبكة الإنترنت أم لا فهذه معلومة نأمل أن يزوّدنا بها المختصون في الشأن الحطابي مع عنوانه الإلكتروني. إذن إذا رأيتم شابا ملتحيا يركب مرسيدس خضراء حملقوا فيه جيدا واسألوه إن كان يجيد استعمال الكمبيوتر ثم اسألوه إن كان هو الأخ حطاب ولا تخافوا منه لأنه صار الآن رجلا مسالما ويحب كل الخير للبلد وأهله وهو يجتهد ليل نهار من أجل إحلال مزيد من السلم والطمأنينة في بلدنا الحبيب. وإذا تأكدتم من هويته أخبروه أنه مطلوب أمام المحكمة وأن القضاء لا يزال يعتبره فارا وإرهابيا وعليه أن يحضر في المرة القادمة ليثبت براءته من التهم المنسوبة إليه ويواصل مباركا مسيرته الخضراء من أجل السلم والسلام. أو أقول لكم، لا تخبروه بأي شيء لأن هناك معلومات تفيد أن محاكمة الأخ حطاب المؤجلة تزامنت مع مفاوضات جارية مع 50 إرهابيا (بالتمام والكمال) لتسليم أنفسهم وأن أي حكم سيصدر ضد الأخ أبو حمزة ربما سيؤثر سلبا على مجرى هذه المفاوضات الشاقة والعسيرة، وأرجو أن لا يكون الأخ حطاب قد قرأ صحف هذا الأسبوع حتى لا يُحبط ويقرر وقف مساعيه الحميدة فيعطّل مسيرة المصالحة المظفّرة مرة أخرى. تمنياتنا بالتوفيق لمساعي صاحب المرسيدس الخضراء وبالتأجيل المتكرر لجلسات المحاكمة حتى يستتب السلم في كل ربوع الوطن وينقطع دابر الإرهاب والإرهابيِّين. الخبر الأمني الآخر الذي دغدغني حملته لنا صحيفة النهار الجديد الجديدة ويتعلق بمعجزة ذكرتني بحكاية الذي حاج إبراهيم في ربّه. يقول الخبر أن قوات الأمن قضت في اشتباك عنيف على منسق تنظيم القاعدة في الجزائر وكان خبر موت المنسق أبو عبد الله واسمه الحقيقي سعيود سمير رسميا بحيث تناقلته وسائل الإعلام الوطنية والدولية استنادا إلى برقية لوكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، وبعد أشهر من إعلان القضاء على المنسق تعود تباشير الحياة تسري في عروقه ويفيق الرجل من موتته الأولى ويرى نفسه محاطا برجال كأنه يعرفهم ثم يعلم أنه لم ينتقل بعد إلى الدار الآخرة بل هو بين أيدي ملائكة الرحمة الدنيوية الذين لم يدخروا جهدا من أجل إحياء عظامه وهي رميم. وأنا في الحقيقة أنتظر أن تضفي وكالة الأنباء الرسمية الصبغة المؤكدة والرسمية على خبر عودة المنسق إلى الحياة حتى تطمئن قلوب أهله، ولا بأس أن يبادر التلفزيون الحكومي الموقر إلى تخصيص ربورتاج مطول عن الفقيد العائد إلى الحياة يروي لنا فيها مسيرة حياته ويركز على الفصل الأخير من رحلته المؤقتة إلى الدار الآخرة وعودته إلى الدنيا. ثم يروي لنا بلسانه كيف أنه تفاجأ عندما فتح عينيه إلى أنه تلقى الإسعاف اللازم من طرف الذي كان في حرب معهم وكيف أنه قرر بعد ذلك إعلان توبته وشرع هو الآخر طواعية ومن دون أي ضغط أو إجبار في مسيرة المساهمة في تحقيق السلم والمصالحة الوطنية في بلد العزة والكرامة. ويذكرنا خبر عودة الحياة إلى منسق القاعدة في الجزائر أن إنقاذ حياة أبو عبد الله لم يكن إلا واجبا إنسانيا ومهنيا هو من صميم طبيعة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني. والحق أنني لأول مرة أعلم أن الإرهابيين عندما يقتلون يحوّلون إلى مصالح العناية المركزة لإعادة الحياة إليهم، لكن كل الخشية هي أن يخرج علينا ذوو الإرهابيين المعلن قتلهم للمطالبة بتسليمهم ذويهم على أساس أنهم عادوا إلى الحياة وصاروا في عداد المفقودين. لكن الذي استثارني أكثر هو التعليق الذي رافق الخبر السار بعودة الحياة في أوصال أبي عبد الله، والأهم من التعليق هو العنوان الذي يقول إن (القاعدة تكذب ادعاءات أمنيستي حول تورط الجيش في الاغتيالات)، والحق أنني لا أقرأ كثيرا مثل هذه الأخبار، لكن العنوان دفعني إلى الوقوف عند الخبر، وكنت في البداية أعتقد أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أصدر بيانا يهاجم في منظمة العفو الدولية المعروفة بتوجهاتها العدائية تجاه الجزائر، ويقول في البيان إن الجيش ليس متورطا في أي شيء، لكن عندما انتهيت من قراءة ما كتب علمت أن الموضوع ذو علاقة بخبر عودة الحياة إلى أبي عبد الله التي كانت دليلا ماديا قويا على خبث ادعاءات منظمة العفو الدولية (حول تورط الأجهزة الأمنية المتخصصة في مكافحة الإرهاب في تصفية إرهابيين موقوفين أو أشخاص مشتبه فيهم بحجة أنهم إرهابيون). لكن مع ذلك لا أخفيكم أنني أعلم لأول مرة أن قتل الإرهابيين يصنف في خانة الاغتيالات وأن أجهزة الأمن المتخصصة في مكافحة الإرهاب لا يجوز لها أن (تغتال) الإرهابيين. قلت لكم إن خوض الجاهلين أمثالي في القضايا الحساسة أمر يسبب الدوخة، لكن علي أن أواصل المشوار ما دام الخوض قد تحقق، لأشير إلى تقرير مثير نشرته الخبر يوم الثلاثاء الماضي عن اقتناء أعضاء مصالح الأمن المتخصصين في مكافحة الجريمة غير الإرهابية كالسرقة والخطف والسطو لمسدسات جديدة تسمى مسدسات الصعقة الكهربائية، وهي مسدسات رحيمة بالمجرمين بحيث تشلهم من دون أن تؤذيهم. عندما قرأت هذا الخبر قلت لماذا لا يقترح المرء على أجهزة الأمن المتخصصة في مكافحة الإرهاب اقتناء هذا النوع من المسدسات حتى نتفادى انتقادات المغرضين في منظمة العفو الدولية وأخواتها ولا نضيع وقتا كبيرا ومصاريف وجهودا جبارة من أجل إعادة الحياة للذين يسقطون في معارك الحرب على الإرهاب. كنت أود التعليق أيضا على ما نقلته إحدى الصحف عن الخبير الإستراتيجي الكبير الأستاذ الدكتور ضياء رشوان الذي كشف لنا من مكتبه في القاهرة أن (زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لم يرسل مؤخرا مندوبين عنه إلى الجزائر لتفعيل النشاط المسلح أو التخطيط لعمليات مسلحة)، ولا ندري هل يعلم خبيرنا الموقر لماذا لم يفعلها أسامة بن لادن، هل مثلا لأن مبعوثيه لم يحصلوا على تأشيرة الدخول إلى الجزائر أم أنه لا يملك ثمن تذاكر السفر؟ كما نطلب منه أن يخبرنا متى ستنطلق البعثة القادمة أم أن كل الرحلات إلى الجزائر ألغيت. معلومات ثمينة طبعاً ينوّرنا بها الأستاذ الخبير الإستراتيجي. سؤال أخير، ما هو الاسم الحقيقي لزعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أبو مصعب عبد الودود، هل هو درودكال أم دروكدال، أقول هذا لأنني لاحظت أنه حتى خبراءنا الأمنيين يكتبون اسمه في نفس التقرير مرة بالكاف قبل الدال ومرة بالدال قبل الكاف، وإذا أمكن أن نعرف بعض تفاصيل حياة هذا الشخص لأنني لا أخفيكم أنني محتار من زمن في هذا الاسم الذي أراه لا يشبه أي اسم من الأسماء الجزائرية!