لم تكن نوارس المخرج بشير بلحاج في كامل لياقتها السينمائية،فحتى صرختها جاءت مبحوحة تحاول أن تصل إلى جمهور تعود على الأحسن تقنيا و تمثيلا،تقربت الشروق من الرجل الذي أدهش فيما سبق السوريين فكانت صرخته أقوى من فيلمه بقاعة ابن زيدون مساء أول أمس. "صرخة النوارس" هو آخر إنتاج للمخرج بشير بلحاج ضمن دائرة السينما في "عاصمة الثقافة العربية" و الذي لم يفصل المختصون في هويته بعد و احتاروا بين أن يكون فيلما كما أراده المخرج أو "تيليفيلما"كما أرادته التظاهرة. السيناريو للصحفي بلقاسم رواش هذا الأخير بدا غير موفق في سرد الأحداث ذلك أن اغلب المشاهد المهمة تم تجاوزها مما جعل السيناريو ضعيفا غابت فيه الحبكة و حتى الصراع،فسفيان الصياد و الكاتب في الوقت ذاته ،عاش صراعا كبيرا بين طموحاته كمبدع وبين واقعه الاجتماعي المزري ثم عاش صراعا آخر كان قصة عاطفية طفت على حياته فجأة عندما أنقذ ممثلة مسرحية من مخالب شابان منحرفان على احد شواطئ تيبازة مكان التصوير. دام هذا الصراع 90 دقيقة حاول المخرج من خلال التصوير الداخلي و الخارجي أن ينقل صورة حية عن يوميات مثقف لم تنصفه الحياة باكرا،و تداخلت تطلعاته العائلية و المهنية بعد أن عرفت إحدى نصوصه الطريق إلى الطبع ثم البيع بالإهداء أين أصبح "سفيان" الذي أدى دوره عبد الحميد مصباح بطلا في نفس المحيط الذي رفضه فيما سبق و خاصة زوجته التي أدت دورها الفنانة "نسرين عسول" و التي كانت بالمرصاد لمغامرته العاطفية مع ليلى "منال تواتي"حتى تمكنت من حماية أسرتها المكونة من طفلين و الوصول بها إلى بر الأمان. إذا كانت فكرة السيناريو عميقة و إيحائية و استطاع بلقاسم رواش أن يرسم واقع المثقف المعاصر،فان العوائق المادية التي تحدث عنها المخرج حالت دون فهم هذا السيناريو خاصة عندما تحول إلى رحلة غامضة في عدة عوالم وفضاءات تاه فيها الجمهور الذي كان يعبر عن ردود الفعل بالضحك تارة و بالهمس تارة أخرى. أكد المخرج بشير بلحاج للشروق على هامش العرض أن الفراغ الموجود بين المشاهد مرده الاستغناء الإجباري على تصوير عدة لقطات كانت ضرورية كحفل زفاف ليلى و رجل الأعمال مثلا أو كلقاء الأم و ابنتها في المستشفى رفقة سفيان و غيرها كثير،كان المخرج يائسا و في رده عن سؤالنا حول تقييمه للمستوى رد "متوسط"فحسبه -500مليون سنتيم لا تكفي حتى لتوزيع الأدوار في فيلم قدمنا بعد دراسة للمشروع تكلفة 2 مليار سنتيم و أؤكد أننا طرقنا عدة أبواب لتمويله ولكن وجدناها موصدة لان "الثقافة" هي آخر الاهتمامات في بلادنا. آسيا شلابي