كشف المدرب البلجيكي، جورج ليكنس، أن قرعة نهائيات كأس العالم وضعت المنتخب الجزائري في مجموعة متوازنة تجعل حلم الجزائريين بالتأهل لأول مرة إلى الدور الثاني أمرا جد مشروع. ورغم إقراره بقوة المنتخب البلجيكي الذي تولى صنع معالمه خلال السنوات السابقة قبل أن يترك المهمة لمساعده مارك ويلموتس ووصفه بصاحب الحظ الأوفر لتصدر المجموعة، إلا أنه قال في حواره مع "الشروق" إن الخضر باستطاعتهم مزاحمة منتخب روسيا على الورقة الثانية، متمنيا في الوقت ذاته تأهل منتخب بلده بلجيكاوالجزائر التي سبق وأن دربها عام 2003 إلى الدور الثاني. بداية، كيف هي أحوالك وما هي آخر أخبارك، خاصة وأنك تبدو بعيدا منذ فترة عن عالم التدريب؟ هذا صحيح، فمنذ استقالتي من تدريب فريق أف سي بروج قبل حوالي سنة، وأنا بعيد عن الميادين وكنت منشغلا ببعض الأعمال الأكاديمية، لكن في الوقت الراهن أنا أدرس بعناية العروض التي وصلتني. وقد كنت قريبا من تدريب المنتخب الإيرلندي، لكن في آخر المطاف تعطلت المفاوضات. حاليا أملك عروضا من نواد قطرية، إماراتية، وحتى من السعودية التي سبق وأن دربت بها فريق العاصمة الهلال السعودي، وسأفصل في وجهتي المستقبلية قريبا.
قرعة نهائيات المونديال كانت الحدث اليوم (الحوار أجري بعد عملية القرعة مباشرة) وأفرزت وقوع المنتخب الجزائري إلى جانب منتخب بلدك بلجيكا إضافة إلى روسياوكوريا الجنوبية، ما تعليقك الأول حول المجموعة الثامنة؟ عملية القرعة لم تنصفني أنا شخصيا كمدرب، فأنا قبل كل شيء بلجيكي الجنسية، وعملت على فترتين على رأس المنتخب الوطني البلجيكي. وفي الوقت ذاته سبق لي تدريب منتخب بلدكم الجزائر، وأملك علاقة صداقات مع كثير من الجزائريين وعلى رأسهم رئيس الاتحادية محمد روراوة. ولهذا، يغمرني إحساس غريب، أما بخصوص عملية القرعة، فأعتقد أن المجموعة جد متوازنة مع أفضلية نسبية للمنتخب البلجيكي كونه من أحسن المنتخبات في الوقت الراهن على المستوى العالمي وعرف مستواه تطورا ملحوظا في السنوات الماضية وخاصة هذه السنة. وكما يعلم الجميع فقد حقق منتخب "الشياطين الحمر" تقدما ملحوظا سواء من ناحية النتائج الفنية التي جعلته يختتم مرحلة التصفيات متصدرا لمجموعته من دون خسارة وكذا من حيث التصنيف العالمي للفيفا، حيث قفز فريقنا الوطني من المركز ال53 إلى المركز الخامس عالميا خلال شهر أكتوبر. ولولا الخسارة أمام كولومبيا، منتصف الشهر الماضي، لبقينا ضمن أفضل عشرة منتخبات عالمية وهذا أمر أكثر من رائع.
وماذا عن حظوظ الخضر في هذه المجموعة، خاصة وأن الأمل يحذو الجزائريين لتحقيق حلم المرور إلى الدور المقبل؟ لقد تابعت جيدا مشوار الجزائر في التصفيات وشاهدت مواجهتي الدور التصفوي الأخير أمام منتخب بوركينا فاسو. المنتخب الجزائري تطور كثير. ويكفيه فخرا أنه حقق التأهل إلى أكبر محفل عالمي لثاني مرة على التوالي. وهذا برأيي دليل على صحة المجهودات التي يتم بذلها داخل الفريق، كما أن تمكن القائمين على منتخب الأفناك من ضمان خدمات لاعبين بارزين بنوادي أوروبا زاد من قوة منتخبكم. وبالعودة إلى سؤالكم، فأرى أن الجزائر بإمكانها قول كلمتها في هذه المجموعة وخطف واحدة من التذكرتين المؤهلتين إلى الدور ثمن النهائي.
لكن، ألا ترى أن الأمر صعب نوعا ما، خاصة- كما قلت- في ظل قوة منتخب بلجيكا ومستوى المنتخب الروسي الحالي دون نسيان المنتخب الكوري؟ هذا أكيد. ولا ينفي كما ذكرته سابقا، فمنتخبنا تعب كثيرا خلال السنوات الماضية. وكما يعلم الجميع فبلجيكا لم تصل إلى المحطة النهائية لكأس العالم منذ 12 سنة، وعملنا جيدا لتكوين هذه التشكيلة التي تضم عدة عناصر لامعة على غرار الحارس كورتوا الذي يلعب لأتليتيكو مدريد، فانسو كومباني مدافع مانشيستر سيتي، موسى دومبلي ومروان فيلاني إضافة إلى إيدن هازار والهداف لوكاكو. هذا دون نسيان القائد وصاحب الخبرة فان بويتن. كما أن المنتخب الروسي تملك تشكيلته مستوى لا بأس بها كانت ثمرة عمل النوادي الروسية وكذا قوة مستوى بطولة هذا البلد والدليل على ما أقول تواجد لاعبين من ركيزة منتخبنا وهما ويتسال ونيكولا لومبرتس بفريق زينيت سان بطرسبورغ، وتعتمد تشكيلة المنتخب الروسي طريقة لعب جد ذكية تعتمد على لياقة اللاعبين الروس القوية وكذا سرعة تنفيذ الهجمات العكسية. أما منتخب كوريا الجنوبية ورغم تراجع مستواه مقارنة بمونديال 2002، غير أن هذا لا ينقص من خصوصية هذا الفريق الذي يشبه كثيرا في طريقته طريقة منتخب اليابان التي تعتمد على التقنيات العالية للاعبين إضافة إلى حيوية لاعبيه غير العادية، لكن ومع هذا فلا يجب الانتقاص من قيمة منتخبكم المطالب بالثقة في إمكاناته ومحاولة تسيير المنافسة بذكاء حتى يتفادى سيناريو مونديال 2010 التي كان يستحق خلالها المرور إلى الدور الثاني بكل جدارة واستحقاق.
من خلال معرفتك الجيدة بالكرة الجزائرية والمنتخب الوطني، من هم اللاعبون الذين شدوا انتباهك؟ صحيح. أنا متابع جيد للكرة الجزائرية، بحكم عملي قبل عشرية بالجزائر، لكن ودون ذكر أسماء معينة، أقول إن المنتخب الجزائري ورغم ثراء تعداده بعدة عناصر ممتازة خريجة المدارس الكروية الفرنسية، إلا أن نقطة قوته لا تكمن في فرديات هؤلاء اللاعبين، بل في تماسك المجموعة وروح اللاعبين القتالية التي تعد "علامة مسجلة" في نظام لعب الجزائريين، وهذا ليس غريبا من بلد شعبه يعشق كثيرا الكرة المستديرة.
الجزائر يقود منتخبها حاليا التقني البوسني وحيد خليلوزيتش، هل تعرفه؟ أجل. أعرفه تمام المعرفة، فقد كان لاعبا جيدا، وأعتبره مدربا ناجحا، فقد قام بعمل كبير ورائع في كل محطاته التدريبية، وخاصة مع نادي ليل، الذي حوله من ناد متوسط المستوى إلى فريق يحسب له كثيرا في البطولة الفرنسية. وهو في الوقت الراهن يقوم بعمل جيد مع الجزائر وجلب أفكار جديدة سمحت بتغيير عدة أشياء في الفريق والدليل تمكنه من التأهل إلى المونديال وتفوقه على منتخب بوركينا فاسو نائب بطل إفريقيا في مباراة السد.
دائما تثني على رئيس الاتحادية الجزائرية روراوة وتصفه بالصديق الحميم... يقاطعنا... محمد روراوة صديقي منذ فترة وسعدت بالعمل إلى جانبه سنة 2003، عندما كلفني بتدريب المنتخب الجزائري وعلاقتنا لم تنقطع. وأنا أحترم كثيرا هذا الشخص الناجح وسعيد بما يقوم به على مستوى أعلى هيئة كروية بالجزائر. لقد تمكن من قيادة الجزائر إلى التأهل مرتين متتاليتين إلى نهائيات كأس العالم وضمن عدة لاعبين ممتازين من مزدوجي الجنسية المكونين جيدا في فرنسا وهذا ما يثبت حنكة الرجل.
في ظل هذه العلاقة الجيدة، ماذا تقول لو طلب منك تقديم نصيحة لخليلورزيتش؟ ...يضحك.. لا أستطيع تقديم أي نصيحة لمدربكم الوطني، لأن خاليلوزيتش إذا أراد "التجسس" على المنتخب البلجيكي فهو يدرك جيدا الشخص الذي يستطيع مساعدته، لا أظن أنه بحاجة إلى مساعدتي. ومن هو هذا الشخص الذي قد يستشيره التقني البوسني؟ إنه ستيفان باولس، المناجير الذي عمل معي في وقت سابق بالجزائر، ورحلت وتركته إلى جانب المدرب الأسبق رابح سعدان. فهو صديق لخليلوزيتش وسبق أن عمل معه طويلا في فريق ليل الفرنسي. ودون شك سيقوم مدرب المنتخب الجزائري بالاستعانة به بناء على العلاقة القوية التي تربط الاثنين.
ربما لسوء حظ الخضر أن أولى مباراة هذه المجموعة ستجمعه بمنتخب "الشياطين الحمر". كيف تنتظر أن تكون هذه المقابلة؟ بصراحة، فالأمر سيكون جد صعب على المنتخب الجزائري، لأن الصمود في هذا اللقاء سيكون مفتاح المرور إلى الدور الثاني. ومع مستوى التشكيلة البلجيكية في الوقت الحالي، أعتقد ودون ديماغوجية أن التشكيلة الجزائرية ستعاني كثيرا أمام أرمادة اللاعبين المكونين لفريقنا الوطني. لقد عملنا طيلة عشرية كاملة لتكوين هذا الجيل الرائع من اللاعبين الحاليين، ووفقنا في إعداد منتخب قوي. ومساعدي السابق، مارك ويلموتس، يملك خيارات كثيرة، حتى إن مشكل ازدواجية المناصب أضحى غير مطروح. وفي كل منصب يتوفر على حلين أو ثلاثة. وهذا ما خلق جوا من التنافس بين اللاعبين كان وقعه إيجابيا على مستوى المنتخب. وباشرنا حصد ثماره في إقصائيات كأس العالم.
وما هي أمنيتك في هذا اللقاء؟ لست بصدد رمي الورود للشعب الجزائري ومناصري فريقكم الوطني، لكني أتمنى تأهل المنتخبين البلجيكي والجزائري عن هذه المجموعة. وأرى أنه إذا كانت نتيجة التعادل بهدف لمثله فلن تؤثر على مشوار المنتخبين فيما بعد، هي أحسن سيناريو أتمناه، وهذا نابع من تعلقي بمنتخب بلدي وحبي الكبير للجزائر وفريقها الوطني الذي أعتبره ذكرى جميلة في مشواري التدريبي ولا تنسوا أنني لم أدرب أي منتخب عدا منتخب بلدي ومنتخبكم الجزائر.