تبرأ والد الانتحاري عبد الرحمن أبو عبد الناصر العاصمي، مفجر مقر المجلس الدستوري ببن عكنون في تصريح ل"الشروق اليومي" من الفعل الذي اقترفه ابنه، وأكد في حالة من الصدمة النفسية بعد رؤية صورة ابنه على بيان "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" أن الشيء الذي حصل لا يشرفه ولا يمت للدين بصلة. لا زال شارف مولود، والد شارف العربي الاسم الحقيقي لعبد الرحمن أبو عبد الناصر العاصمي، مفجر مقر المجلس الدستوري يوم 11 ديسمبر الجاري، تحت وقع الصدمة بعدما بدأت تتأكد فرضية قيام ابنه بعملية بن عكنون التي راح ضحيتها عدد كبير من الطلبة والتلاميذ والموظفين، معتبرا أن لا شيء كان يمكن، في نظره، أن يوحي بأن ابنه قد التحق بصفوف "الجهاد". ابن حي "واد أوشايح بباش جراح كان مثل كثير من أترابه، يرتاد المساجد وينصح ويأمر بالمعروف، لكن لا شيء كان يوحي حسب والده بأنه منخرط في طريق "الانتحاريين"، خاصة وأنه كان ضمن من استفادوا من إجراءات العفو والمصالحة ربيع سنة 2006، كما تمكن من الفوز في شهادة البكالوريا في سجنه وكان والده ينتظر أن يتم الدراسة إلى أن يحصّل شهادة عليا. قصته رواها والده بكثير من الاستغراب وأبدى تعاونا كبيرا في الإدلاء بمعلوماته بخصوص ابنه، لأنه كان تحت الصدمة أولا ثم أن صدمته كانت صدمة "مصيبة الأمة" أكبر من صدمته في ابنه، "لم يقم بعمل يشرفني" متسائلا "كيف تمكن من تفجير نفسه وسط أمة؟ لسنا وسط يهود لأتخيل أن يقوم ابني بمثل هذا العمل".. الابن الذي تحول إلى قاتل كل تلك الأرواح في شارع 11 ديسمبر، على اسم يوم في الثورة ويوم للكارثة، أما مقر المجلس الدستوري، هو شارف العربي من مواليد 18 مارس 1976، وصل المستوى النهائي ليتحول فيما بعد إلى تاجر في الأدوية، كان يوزع في نواحي الجزائر العاصمة، وكان يكسب ويعين في مصاريف البيت، لأنه الثاني بين 5 إخوة وأختين، ويقول والده إنه لم يكن عنيفا ولا مستبدا، وكان إذا اختلف مع اصغر إخوته حول سلوكات مشينة مثل "التدخين والشمة" يفضل ترك الأمر لوالده.. ومن ضمن ما قام به المعني انه قام بسفرين للعربية السعودية لأداء العمرة سنة 2003، مرة اصطحب خالته والمرة الأخرى سافر لوحده، وقد جلب معه بعض الأغراض للتجارة، مثلما يفعل كثير من أمثاله. وحسب رواية شارف مولود الأب فإن السجن كان نقطة تحول في حياة شارف العربي، الذي تحول في النهاية إلى "عبد الرحمن أبو عبد الناصر العاصمي". فبتاريخ نوفمبر 2004 يقول والده "جاءت عناصر الأمن تبحث عن العربي وهو لم يكن ليلتها في البيت، كان في بيت أخيه" علما أن عائلته انتقلت من مسكنها القديم وسط العائلة الكبيرة، جد، أعمام وأولاد عمومة، بواد أوشايح، إلى مسكن مستقل بناه شارف مولود بعين النعجة، وفي الصبيحة التي تلت قدوم عناصر الشرطة للبحث عن العربي، اصطحب الوالد ابنه رفقة أمه وأخذوه إلى مركز شرطة الدارالبيضاء أين كان مطلوبا على اعتبار انه لم يقترف شيئا وليس له مشكلا مع الأمن. في يومها بدا استجواب الشرطة للعربي، وحين عاد والده ليسال عنه في المساء "اخبروني في قسم الشرطة بان العربي لا يمكن أن يغادر بعدما اعترف أنه زود الجماعات المسلحة بالأدوية" ليضيف انه هو الآخر أجاب على أسئلة الأمن لكنه لم يكن يعلم شيئا عن نشاط ابنه. ومن تاريخها "قضى العربي سنتين في سجن الحراش بعدما أصدرت في حقه العدالة أمرا بالإيداع دون أن يحاكم" مضيفا أن ابنه "استفاد من إجراءات السلم والمصالحة الوطنية وأطلق سراحه شهر ماي 2006"، ومن وقتها ظل العربي مستقيما وسلوكه عادي في العائلة والحي "حتى أنني طلبت منه أن يزاول دراسة جامعية بعدما تحصل على البكالوريا في السجن" لكنه رفض بحجة أنه لا يريد تحميل والده عبئ المصاريف. وبعد قضاء أشهر بعد الإفراج عنه يتردد بين المسجد والبيت ورفاق الحي، وبحوالي 15 يوما بعد عيد الأضحى من السنة الماضية "حدثني العربي ليقول لي أن الحياة ضاقت به وأنه لم يجد ما يعمله، فقال إنه سيسافر إلى بلد آخر للعمل، وجمع كل أغراضه وملابسه وجميع وثائقه، جواز السفر، الذي كان ممتد الصلاحية، رخصة السياقة، والهوية وغادر البيت دون أي خبر أو علم عن مكانه ولا وجهته إلى يوم التفجير". الوالدة مصابة بشلل نصفي ولازالت تتابع حصص العلاج الطبيعي، أصيبت بصدمة أولى يوم دخل السجن 2004 فأصابها الشلل، لتصيبها صدمة أعظم مساء يوم التفجيرات حين استدعي الوالد لمصالح الأمن ليتعرف على وثائق ابنه، والعائلة بصدد الاستعداد لإجراء التحاليل الجينية لتحديد البصمة الوراثية لمن سمته القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي " عبد الرحمن أبو عبد الناصر العاصمي".. غنية قمراوي