اختار الجزائريون هذا العيد أن يحتفظوا بذكرى لكباش العيد وهم بقصة لم يعهدوها قبلا، فالمتجول بشوارع وأحياء بعض المدن الكبرى وخاصة العاصمة يتمتع فعلا بأنواع القصّات التي تنعم بها أضاحي العيد وأصباغ الخضاب "الحنة" التي تعلو محيّاها الوديع وكأنها بعرض أزياء لأسمن كبش وأجمله في الوقت نفسه. كما تراجعت أمام هذه الظاهرة الجديدة على الماشية والجزائريين حلبات المصارعة التي طالما أدت إلى وفاة الكباش أو انتقاص شرط من شروط صحة تقديمها كأضحية دينية. ولدى تساؤلنا عن مصدر القَصّة وثمنها، أخبرنا شباب بشارع 1ماي بالعاصمة أن القَصّة يقوم بها أحد الحلاقين الذي رأى أن يدلل كباش المنطقة بقصات جميلة قبل أن يفارقوا الحياة، خاصة وأنهم لن يدركوا فصل الربيع الذي ألفوا فيه العملية. ثمن القَصّة 200 دج والعطر غير مضمون لأنه لا جدوى منه، أما الجمال فهو أكيد بعد هذه العملية شبه التجميلية، حيث لا تختص بالصوف كله بل هي على مستوى الوجه فقط، حيث يتحول وجه الخروف إلى شكل غريب لأن القصة الغريبة تحول سماحة وجهه إلى ما يشبه خطوط حمار الزرد بتموّجات طولية وعرضية يصعب فيها أن يصبر الخروف أمام مقص الحلاق. وقد روى كمال وأصدقائه انه تألم لسقوط دمع من أعين كبشه الذي تأثر بحدة المقص على وجهه أما نسيم فلم يحتمل رؤية المنظر خاصة لما انتابت الكبش حالة من الخوف لم يصمد فيها داخل محل الحلاق لولا أن استعان الحلاق ببعض أصدقائه لاستبقاء الكبش الوديع بين يديه المبدعتين. أما القَصّة الثانية فتكون على مستوى الظهر حيث يتحول جلد الخروف إلى لوحة يرسم عليها صاحب المقص الشكل الأسهل والأحسن لديه من الدائرة إلى ما يمكن أن تجود به اليد المتعودة على اللعب برؤوس البشر ما بالك بالخرفان الوديعة ! ومعها يمكنك أن تتفرج على بساط مطرّز من الصوف فوق ظهر صاحبه. ورغم أن الماشية لا تستجيب بطريقة سريعة للعملية ولا تهدأ في يد الحلاق إلا بصعوبة، إلا أن سكان العاصمة وأصحاب الكباش الضخمة صاروا يتنافسون في الحصول على أجمل قصة لأضاحيهم، يسارعون بعدها إلى شراء كيس من "الحنة" لتكون قصة وصباغ في نفس الوقت كأقصى حد للدلال و الفخر قبل موعد النحر. وحتى تبقى هذه الصور في الذاكرة وليتقدى بها في المستقبل فإن سعيد"،"كمال"،"نسيم" فضلوا أن يأخذوا صورا تذكارية مع كباش العيد لتصنّف مع ألبوم الصور العائلية كخرفان مرت من هنا لتأخذ حظا من الدلال قد لا يصح لأسيادها من البشر! والأكثر خسارة في العملية كلها هن الأمهات، خاصة من يحبذن الاحتفاظ بجلد الصوف للتدفئة به في فصل الشتاء أو المحافظة عليه لقيمته التقليدية، فهن يحرمن من التنعم بجلد وفير الصوف ويجدن أنفسهن أمام جلد فاقد لقيمته النفعية.ورغم ذلك فلا بأس من الاحتفاظ بهذا الجلد لأنه مميّز عن كل جلود الخرفان الأخرى التي لم تنعم قبل ذبحها بهذا الدلال النادر. دلولة حديدان