كمال منصاري يعتبر قرار السلطات بتزويد تمنراست والمناطق المجاورة بالمياه انطلاقا من عين أمناس، مشروعا جريئا من شأنه أن يضخ الرخاء على أحد أهم المدن الصحراوية لاسيما من الناحية الاستراتيجية. كما أن هذا المشروع الضخم من شأنه أن يفتح مجال تشغيل شباب المناطق الصحراوية بما فيها شباب ورڤلة المنتفض منذ مدة في وجه وكالات التشغيل العاجزة على التصدي أمام شركات التشغيل الأجنبية وشركات المناولة المحلية في مجال اليد العاملة. وإن كان الإعلان عن هذا المشروع_ وقت زيارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الى تمنراست - سيسيل لعاب شركات الانجاز العالمية والمحلية نظرا لما سيذره من ملايير الدولارات على خزائنها في حالة ظفرها بحق إنجازه، فإنه في المقابل قد يجعل شباب الصحراء العاطل يحلم ليس بأمواله أو بمياهه، بل بفرص المساهمة في إنجازه حتى بأجر أقل مما سيتقاضاه العامل الأجنبي. فالشركات النفطية والغازية وكذا المختصة في إنجاز المنشآت القاعدية في المناطق النفطية، قد أدارت دهرها لليد العاملة المحلية بحجة أنها غير مؤهلة وأصبحت تعتمد على يد عاملة تقوم باستيرادها شركات خاصة أجنبية داخل وخارج الجزائر، عن طريق إعلانات تنشر صوب اليد العاملة الأوروبية، والأسيوية تحديدا، ما يقصي اليد العاملة الجزائرية من مجالات التوظيف في الشركات النفطية والغازية العالمية المستثمرة في أحواض الصحراء وحقولها لاسيما في عين أمناس. وقد أدت هذه الوضعية إلى تذمر شباب الصحراء العاطل الذي يرى يوما بعد يوم خيرات منطقته يبنيها ويستفيد منها غيره، وهو يعلم أيضا أن هذه الخيرات زائلة بعد جيل حسب التقديرات. وقد تجلى يأس شباب الصحراء فيما أقدم عليه بطالون من ورڤلة الذين يعتصمون منذ أسابيع رغم حر الشمس نهارا وشدة البرد ليلا، أمام مقر وكالة التشغيل المحلية، مطالبين بالعمل في الشركات البترولية أو دخول السجن. وإن كان هذا الطلب محيرا وغريبا، فإنه يوحي بأن الشباب الصحراوي سئم رؤية مستقبله "يحترق"، كما يحترق الغاز والنفط في آبار حاسي الرمل وحاسي بركين، فضلا عن حاسي مسعود. وإن لم تعرف السلطات كيف تطفي "نار" هؤلاء الشبان الذين لا مطمع لهم سوى مناصب شغل، فإن الصحراء قد تنشب فيها حرائق، الجزائر في غنى عنها.