عبد الناصر لا يوجد بلد تزدحم رزنامته السنوية بالعطل مثل الجزائر، ففي كل منعرج عطلة مدفوعة الأجر، والعامل البسيط الذي مازال يؤمن بأملاك "البايلك" لا يهمه من هذه التواريخ سوى الراحة، إلى درجة أنه مازال لا يعلم لماذا "عاشوراء" مثلا يوم عطلة مدفوعة الأجر، وهو يوم راحة فقط في الجزائر وبلاد الشيعة، ولن نكشف سرا إذا قلنا إن الملايين من العمال ومن الطلبة الذين ناموا أمس، وشبعوا "شخيرا" لا يعلمون أي سنة هجرية جديدة دخلناها، بل أن أئمة ورجال دين يجهلون السنة الهجرية التي طرقنا بابها، فكلنا نعرف في أي سنة ميلادية ولد وتوفي العلامة عبد الحميد بن باديس ولا أحد يعلم التاريخ الهجري، بما في ذلك رجال جمعية العلماء المسلمين، وكلنا نعرف سن الشيخ العلامة القرضاوي الميلادي ولا نعرف عمره الهجري، فالإخوانيون يحفظون عن ظهر قلب التاريخ الميلادي الذي توفي فيه زعيمهم حسن البنا رحمه الله ولا يعلمون التاريخ الهجري، والسلفيون يحفظون عن ظهر قلب التاريخ الميلادي الذي توفي فيه زعيمهم الشيخ الألباني رحمه الله ولا يعلمون التاريخ الهجري، والشيعة يحفظون عن ظهر قلب التاريخ الميلادي الذي توفي فيه زعيمهم الإمام الخميني رحمه الله ولا يعلمون التاريخ الهجري.. بل أننا جميعا نعلم تاريخ تدشين الجامعة الإسلامية في قسنطينة ولكن بالتقويم الميلادي فقط - صحيح أن المسيحيين هم الذين يقودون دواليب الإقتصاد ويشترطون التعامل معهم بالتاريخ الميلادي، وصحيح أن الدول الإسلامية هي مجرد عربة مجرورة في "لوكوموتيف" سريع، لكن الصحيح أيضا أن الشعوب نفسها لا تهتم بهذا التاريخ الإسلامي المجيد، ولسنا في حاجة للمقارنة ما بين مظاهر التحضير والإحتفال برأس السنة الميلادية والتي أخذت أبعادا شعبية ظاهرة للعيان وما بين (اللاشيء) واللامبالاة التي واجه بها عامة الناس حلول رأس السنة الهجرية اللهم مزيدا من النوم، ونكاد نجزم أن لا جزائري يعرف تاريخ ميلاده الهجري أو تواريخ أبائه وأبنائه. في كل مرة نتهم الدولة بتغريبنا، وفي كل مرة نتهم الفضائيات العالمية بجرنا أخلاقيا نحوها وفي كل مرة نُخرج الشعب بريئا سالما من كل تهم التغريب، والحق يقال إن قول الشاعر ينطبق علينا تماما. نعيب زماننا والعيب فينا - وما لزماننا عيب سوانا