اكتسحت المطاعم السورية والفلسطينية الجزائر في الآونة الأخيرة، خاصة بعد أن اشتدّت الحرب في بلاد الشام، واضطر الكثير من الأشقاء السوريين للجوء إلى الجزائر، وبينما وجد الكثيرون صعوبة في التأقلم، تمكن آخرون من امتهان حِرفهم الأصلية في بلادهم، حيث فتح بعضهم مطاعم تروّج للأكل السوري وكذا الفلسطيني الذي استقطب عددا هائلا من الجزائريين المتعطشين للتعرف على ثقافة بلاد الشام. "باب الحارة"، "مطعم بربروس"، "مشاوي حلب"، "مطعم دمشق"، "بيت الشام"، "مطعم غزة"، كلها أسماء مطاعم ذات نكهة سورية وفلسطينية، حل أصحابها بالجزائر للتعريف بهوية أبناء الشام الأبية، وهم يحملون ثقافتهم وهويتهم المشرقية في قلوبهم، وقرر الكثيرون منهم طبع هذه الثقافة وترسيخها في ذاكرة الجزائريين، من خلال فتح فضاءات تروّج لكل ما هو سوري وفلسطيني. ونجح الكثير من الشبان السوريين الطموحين في امتهان حرفة الطبخ التي كانوا يزاولونها في بلدهم الأم، ليطلقوا العنان لأناملهم في إبداع أشهى الأطباق السورية، التي كانت تستهوي الجزائريين من خلال الدراما السورية التي تعمّدت الإشهار للأكل السوري والبيئة الشامية عموما عبر شاشة التلفزيون، حتى تروج للسياحة، قبل أن يعصف الربيع العربي بسوريا ويحول أيامها إلى خريف. وبالرغم من أن الكثير من أصحاب المطاعم السورية والفلسطينية قصدوا الجزائر قبل سنوات خلت، إلا أن بعضهم الآخر لجؤوا إليها بعد أن ذاقوا ويلات الحرب والدمار في بلدانهم، وتمكنوا من فتح مطاعم بمشاركة جزائريين وعن طريق تسهيلات قدّمتها لهم الدولة. وتستقطب هذه المطاعم أعدادا هائلة من الجزائريين المتعطشين إلى التعرف على الثقافة المشرقية والمولوعين بالأكل السوري والفلسطيني قبل تذوقه، بل أحبوه بعد أن أطلت عليهم أطباق "الكبة"، "التبولة" و"الفتوش" عبر الشاشة الصغيرة، ودغدغت طريقة تقديمها شهيتهم، فزادت رغبتهم في تذوق هذه الأكلات، فكان لهم ذلك حين تنقل المطبخ السوري إلى الجزائر، وعرف أصحاب هذه المطاعم كيفية الترويج لها من خلال منحها طابعا مشرقيا تجسّد من خلال الديكور الشامي الذي يميّزها، والذي تعمّد أصحابُها إضفاءه لمنح الزبائن شعورا جميلا ينقلهم إلى بلاد الشام على غرار مطعم "باب الحارة" بسطيف الذي يحمل صور أهم شخصيات المسلسل السوري الأكثر شهرة في رمضان، على رأسهم "أبو شهاب". ومن بين الزبائن الذين اعتادوا الأكل في المطاعم السورية والفلسطينية حدثنا "سليمان" قائلا إنه من بين العاشقين لكل ما هو مشرقي، وهو ما يجعله يصطحب زوجته وأولاده كلما سنحت الفرصة إلى أحد المطاعم السورية أو الفلسطينية، مؤكدا أن ما يميز الأكل السوري والفلسطيني هي التوابل والبهارات التي تضيف نكهة مميزة للأطباق، كما تلعب طريقة تقديمها دورا مهما في جلب الزبون ناهيك عن تنوعها، ومن بين أهم الأطباق التي تستهويه "التبولة"، "الكبة النية"، "الفتوش"، "الفلافل" وبعض المشاوي على غرار "الكباب" الذي يتقن السوريون تحضيره، مشيراً إلى أن الأكل السوري والفلسطيني لا يختلفان، حيث تحتوي قائمة الأكل على نفس الأطباق تقريباً.