باتت السيارات في مواكب الأعراس أمرا ضروريا لا تكتمل فرحة ليلة العمر إلا بها، ولكن بعض سائقي السيارات وبالأخص منهم الشبان الذين يبحثون عن الاستثناء وصنع الفرجة في كل مكان، حوّلوا مواكب الأفراح هذه إلى مواكب خطر ومواكب موت جراء القيادة المتهورة والمناورات الخطيرة التي يقومون بها في الطريق العام دون أدنى مبالاة بغيرهم من السائقين. تحوّلت السيارات التي تتقدم مواكب الأفراح والأعراس لمحل سخط وغضب عديد المواطنين من مستعملي الطريق العمومي، والذين عبروا عن انزعاجهم الشديد من عطلة حركة السير التي يتسببون بها وتعريض السائقين المتهورين ضمن هذه المواكب حياتهم للخطر في محاولة منهم للتعبير عن فرحهم بحفل الزواج، وهو ما يبرر حوادث المرور اليومية التي يتم تسجيلها في مختلف ولايات الوطن في الأعراس. فقد تسبب أحد مواكب الأعراس في الكاليتوس على حد قول أحد المواطنين في تأخره عن الوصول إلى منزله العائلي رغم أنه كان مستعجِلا جدا ولديه ظرف طارئ، لكن الموكب عطل حركة السير ساعة كاملة، فقد راحت السيارات تقوم باستعراضات ومناورات خطيرة وسط الطريق العام ورغم نزول السائقين نظرا لوجود سيدات حوامل ومرضى كانوا في طريقهم للمستشفى، وآخرون بصدد قضاء حوائج كان في عجلة من أمرهم، يواصل محدثنا، غير أنهم تمسكوا بموقفهم وأكدوا على أنه من حقهم الاحتفال والتعبير عن فرحتهم. وليست تلك الطريقة الوحيدة التي ابتدعها الجزائريون في أعراسهم، فقد اتخذ الكثير منهم الألعاب النارية على غرار "الفيميجان" وسيلة للفرح، فلم يجدوا حرجا في إشعالها خلال سير السيارة دون أخذ الاحتياطات الكافية للمخاطر التي تشكلها على المارة والذين قد يصابون بحريق عند سيرهم بمحاذاة الموكب، وهو ما وقع لسيدة كانت رفقة ابنها في ضواحي حسين داي، مر بها موكب زفاف وكان أحد المراهقين يطل من النافذة العلوية للسيارة وبيده ألعاب نارية ثم ألقاها بالقرب من السيدة فاحترقت يدها جزئيا ونقلت للمستشفى. فيما عبّر لنا "سامي" عن امتعاضه الشديد من استهتار السائقين ومرافقيهم على حد سواء، فقد أصيب أحد أبناء حيّه خلال زواج جارهم بعد أن كان فاتحا أبواب سيارته على مصراعيها وواقفا لتظهر أمامهم فجأة شاحنة من الحجم الكبير، فاضطر السائق للتوقف دون سابق إنذار ليسقط الشاب أرضا وكادت أن تدوسه عجلات السيارة لولا العناية الإلهية لينقل إلى المستشفى ويخضع لعملية جراحية على مستوى الرِّجل، ولم يتمكن من المشي على قدمه إلا بعد مرور 3 أشهر كاملة، ويضيف أن مواكب الأعراس في كل سنة يبتكرون طرقا وأساليب جديدة أحدثها هو التوقف في الطريق السريع ورفع صوت المذياع ثم نزول الشباب للرقص وسط الطريق تحت تصفيقات النساء وزغاريدهن وتصويرهم بالكاميرات، والأدهى من هذا هو تغاضي رجال الأمن عن هذه التصرفات المشينة وسكوتهم وعدم تعليقهم عليها والسماح لهم بالتصرّف وفق أهوائهم، متحججين بأنهم في عرس ويعبّرون على فرحتهم فهم ليسوا بمفردهم في الطريق. ومهما اختلفت طرقُ التعبير عن الفرح إلا أنه يجدر مراعاة ظروف الناس وإعطاء الطريق حقه حتى لا تتعطل مصالحُ الناس ولا يصابوا بضرر جرّاء الاحتفالات العشوائية والفوضى التي تخلقها مواكبُ الأعراس.