أصدر المجلس الأعلى للقضاء قرارات بالتوبيخ، الإحالة الإجبارية على التقاعد والبراءة، في حق تسعة قضاة نظرت في ملفاتهم الى غاية مساء أمس، الدورة التأديبية المنعقدة منذ السبت الماضي. وكشفت مصادر من المجلس للشروق، حصيلة الأيام الثلاثة الماضية، وقالت إن الحالات الثلاث المتبقية وهي الأكثر حساسية، تعالج اليوم وتخص القضاة المعنيين بملف رئيس بلدية برج البحري السابق. يختتم المجلس الأعلى للقضاء، اليوم، الدورة التأديبية، التي بدأها السبت الماضي، للنظر في حالة 12 قاضيا مبرمجين خلال الدورة، نصفهم (6 قضاة) من مجلس قضاء بومرداس، وواجه أغلبهم اتهامات بارتكاب أخطاء مهنية وإجرائية خلال عملهم، وتغيب بعضهم عن العمل دون تقديم مبررات. وتخصص الجلسة الأخيرة اليوم، لمعالجة حالات القضاة الثلاثة من غرفة الاتهام لمجلس قضاء بومرادس، للاستماع إليهم في قضية الإفراج "غير القانوني" عن رئيس بلدية برج البحري السابق (ولاية الجزائر العاصمة)، المتهم بدوره في قضية رشوة "وكان يفترض إيداعه الحبس مثل بقية شركائه"، لكنه استفاد من إعادة تكييف وضعه القانوني من طرف غرفة الاتهام ليطلق سراحه لاحقا، وتوجد رئيسة غرفة الاتهام بمجلس بومرداس نفسها ضمن القضاة الثلاثة الذين سينظر المجلس في حالاتهم اليوم، لكن لا توجد بينهم رئيسة المجلس آنية بن يوسف التي ورد اسمها "عرضا" في الملف، وأصدر وزير العدل قرارا بوقفها مؤقتا عن مزاولة مهامها إلى حين الفصل في القضية. وكشفت مصادر من المجلس الأعلى للقضاء، للشروق، عن حصيلة الأيام الثلاثة الأولى، من عمر الدورة التأديبية، إلى غاية مساء أمس الإثنين، وقالت إن المجلس عالج في المجموع حتى الآن 9 حالات بمعدل ثلاث حالات يوميا، وتنطلق كل جلسة من الساعة الثامنة صباحا وتستمر الى غاية السادسة مساء، حيث يتطلب الوقت اللازم للفصل في كل قضية حوالي ثلاث ساعات، وعرفت قاعة الجلسات أخذا وردا مطولا لم يخلو من الحدة ما بين المتهمين ودفاعهم من جهة وهيئة الحكم من جهة أخرى، ولم يتمكن جميعهم من تناول وجبة الغداء حتى الساعة الرابعة بعد الزوال، وإلى غاية مساء أمس، أصدر المجلس أحكاما تراوحت ما بين التوبيخ والإحالة الإجبارية على التقاعد والبراءة. وذكرت مصادرنا، أن قرار الإحالة الإجبارية على التقاعد مس قاضيين اثنين في اليوم الأول، تجاوز عمرهما الستين سنة، ولم يبق لهم سوى بضعة أشهر على التقاعد القانوني، وقد عوقب أحدهم بعد أن ثبت إدمانه على تناول الخمر، كما جاء في تقرير المفتش الذي أعد ملفه، وشكل التوبيخ نصف الأحكام الصادرة في حق القضاة طوال الأيام الثلاثة الماضية، ومنهم وكيل جمهورية منح ترخيص بالطبع لإحدى اليوميات الوطنية "دون إعلام الإدارة المركزية في وزارة العدل". وتحرم قرارات التوبيخ أصحابها من حق الترقية خلال السنوات الثلاث القادمة، كما تفرض نقلهم إجباريا إلى مجالس قضائية أخرى غالبا ما تكون في الولايات الداخلية وفي الجنوب، وتنعقد هذه الدورة التأديبية بعد ثلاثة أشهر من التجديد النصفي لتشكيلة المجلس بقسميه المنتخبين، من بين ومن طرف القضاة والمعينين من طرف القاضي الأعلى في البلاد رئيس الجمهورية. ولاحظت مصادرنا، من داخل قاعة الجلسات في وزارة العدل، أن أعضاء المجلس الأعلى القضاء المعينين أظهروا أكثر من المنتخبين "شراسة" في الدفاع عن القضاة الذين يقول بعضهم إن المفتشين المكلفين بملفاتهم "بالغوا" في تكييفها، ومن هؤلاء ثلاثة قضاة آخرين من مجلس قضاء بومرداس (ليسوا القضاة المعنيين بملف رئيس بلدية برج البحري) تم تخصيص يوم أمس، للنظر في اتهامات وجهت لهم "بالتهاون" في تحرير محضر رسمي لأحكام قضائية أصدروها في ساعة متأخرة من اليوم، الذي سبق مجيء المفتش إليهم، وردوا على التهمة بأنهم كانوا في حالة إرهاق بعد يوم كامل من العمل وفضلوا إرجاء تحرير المحضر إلى صباح الغد. وقد استعان بعض القضاة بمحامين للمرافعة لصالحهم ولجأ البعض الآخر الى زوجاتهم القاضيات أو إلى زملاء لهم آخرين، في حين فضل البعض الدفاع عن نفسه بنفسه، وكلها خيارات ينص عليها القانون. عبد النور بوخمخم