صارت البنايات العتيقة بالعاصمة والمدن الكبرى بمثابة "القنبلة" التي تهدد حياة الجزائريين، في ظل الانهيارات المتتالية للمباني والعمارات، مسجلة بذلك عددا من القتلى والجرحى. وتطرح الحوادث الأخيرة التي سجلتها العاصمة، آخرها انهيار بناية بالقصبة، والتي أسفرت عن جرح بعض أفراد قاطنيها، وتلاها انهيار مرقد بساحة الشهداء مخلفا قتيلا وأربعة جرحى، العديد من التساؤلات حول جدية الوعود التي أطلقتها الحكومة في التكفل بملف البنايات المهددة بالانهيار عقب الزلزال الأخير الذي هز العاصمة مطلع شهر أوت الماضي. وكانت الحكومة قد سارعت عقب الهزة الأرضية التي خلفت انهيار مبان إلى تشكيل خلية أزمة وتجنيد عشرات المهندسين المعماريين لمتابعة وضعية السكنات وتحديد مدى خطورتها قصد اتخاذ التدابير اللازمة، وأعدت تقريرا أسود حول وضعية البنايات القديمة، وضع على طاولة الوزير الأول، لكن وبعد مرور أشهر لم تتخذ أي إجراءات لحماية المواطنين من خطر الانهيارات. وباتت السكنات آيلة للسقوط والمصنفة في الخانة الحمراء تشكل خطرا حقيقيا على حياة المارة والمواطنين، حيث لم تقتصر الأخطار على قاطنيها فحسب، بل حتى المارة صاروا المتضرر الأول من انهيار المباني وشرفات العمارات، ما يحتم على الجهات الوصية التدخل العاجل قبل سقوط المزيد من الأرواح. ويدق خبراء ناقوس الخطر من تردي وضعية عدد معتبر من المباني، ويقابله انعدام أي نية لدى الحكومة للقضاء على هذا المشكل لتبقى هذه العمارات، تنهار بصفة متواصلة، مخلفة عشرات الضحايا، وفي هذا الصدد، أكد عبد الكريم شلغوم رئيس نادي المخاطر الكبرى في تصريح ل"الشروق" أن أكثر من 450 ألف بناية تعود للعهد الاستعماري صارت مهددة بالسقوط في ظل غياب إستراتيجية فعالة من قبل الحكومة لإعادة ترميمها وتأهيلها، مشيرا إلى أن المخططات التي تتبجح بها الجهات الوصية ما هي في الحقيقة سوى سياسة للهروب للأمام، مضيفا انه منذ 2003 لم يتم تجسيد أي خطوة نحو الأمام في سبيل إعادة الاعتبار للسكنات الآيلة للسقوط، وشكك المتحدث في صحة الوعود المقدمة، وأشار أنه لابد من إعداد دراسات معمقة وفحص دقيق للمباني قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة والإسراع في تطبيق توصيات الخبراء حتى يتسنى الخروج من هذه الدوامة.