يحسم الناخبون التونسيون، غداً الأحد، السباق المحتدم نحو قصر قرطاج الرئاسي بين الرئيس التونسي الحالي المنصف المرزوقي (مستقل) والباجي قائد السبسي مرشح حزب نداء تونس، الفائز بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، في فصل جديد من المسيرة الديمقراطية الناشئة التي تشهدها البلاد. وتعد الانتخابات الرئاسية المرحلة الأخيرة من الفترة الانتقالية التالية لثورة جانفي 2011، التي أطاحت بنظام حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وهي الفترة التي شهدت بداية انتخابات المجلس التأسيسي في 2011، ثم وضع دستور جديد للبلاد مطلع العام الجاري، قبل تنظيم انتخابات تشريعية، أواخر الشهر الماضي، ينتظر أن تسفر، مطلع العام المقبل، عن حكومة ائتلافية منبثقة من أغلبية برلمانية بقيادة حزب "نداء تونس". ومع انتهاء هذه الفترة، تقف تونس على أعتاب ما يمكن تسميته ب"الجمهورية الثانية"، بالنظر إلى أن نظام الحكم في "الجمهورية الأولى" في عهدي الراحل الحبيب بن بورقيبة وبن علي، كان أحادي الطابع خلافاً للتعددية السياسية التي تم إقرارها بعد ثورة 2011. وسيتولى الرئيس المنتخب القادم الحكم لمدة 5 سنوات وفقاً للفصل 75 من الدستور التونسي الجديد الذي نص أيضاً على أنه "لا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين، متصلتين أو منفصلتين (أي إجمالاً 10 سنوات)". وفي حالة الاستقالة، تعتبر تلك المدة "مدة رئاسية كاملة". ويحظى الباجي قائد السبسي بحافز معنوي بعد فوزه بالمرتبة الأولى في الدور الأول من الرئاسيات، كما نال حزبه أكبر عدد من المقاعد (86 مقعداً بنسبة حوالي 40 بالمائة من مقاعد البرلمان ال217) في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن مناصري المرزوقي يرون أيضاً أن فرص فوزه قائمة بعد نجاحه في التأهل للدور الثاني والحاسم من هذا الاستحقاق، في وقت كانت قد ذهبت فيه بعض الاستطلاعات إلى توقع نجاح السبسي من الدور الأول وحصوله على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات. ودعي قرابة 5.3 مليون ناخب تونسي للتوجه لمراكز الاقتراع بدءاً من الثامنة من صباح الأحد (07:00 ت.غ) وحتى السادسة مساء (17:00 ت.غ)، للإدلاء بأصواتهم في هذا الاستحقاق الذي يأتي ضمن أول انتخابات رئاسية "ديمقراطية" من نوعها في تاريخ تونس الحديث، كما يجمع العديد من المتابعين للشأن التونسي، حيث ترى العديد من المنظمات الحقوقية الداخلية والخارجية أن الانتخابات التي جرت بالأخص في زمن الرئيس السابق زين العابدين بن علي، لم تكن نزيهة ولم تعكس تعددية سياسية حقيقية. ويتوزع الناخبون التونسيون على 33 دائرة انتخابية تضم إجمالاً أكثر من 10 آلاف مكتب اقتراع، منهم 27 دائرة في 24 محافظة تونسية و6 بالخارج. وبدأ الناخبون المقيمون بالخارج التصويت، أمس (الجمعة) وحتى الأحد، ويقدر عددهم بحوالي 380 ألف في 45 دولة موزعين على 387 مكتب اقتراع، وتتصدر فرنسا الدول التي توجد فيها أكبر نسبة من الناخبين التونسيين بالخارج ( 53 بالمائة) أي أكثر من النصف. ووفقاً للقانون الانتخابي المعتمد في ماي 2014 من الجمعية التأسيسية، فإنه يلزم للفائز الحصول على الأقل على 50 بالمائة+1 من الأصوات، وإن تساوى المترشحين في عدد الأصوات يعتمد مباشرة الأكبر سناً ويعلن رئيساً للجمهورية، وسيكون في هذه الحالة الأخيرة السبسي هو الفائز (88 عاماً) وليس المرزوقي (69 عاماً). وينتظر أن تعلن رسمياً النتائج الكاملة للانتخابات في موعد أقصاه يومين من عملية الاقتراع.