أشخاص يسقطون من القطار وآخرون ينتحرون وسائقون يموتون رميا بالحجارة * * .. في رحلة أشبه ما تكون نحو المجهول.. بسرعة تفوق 100 كيلومتر في الساعة وبطاقة استيعاب تحمل الكثير من المخاطر، يجر القطار سائق يقول عن نفسه أنه يجر قاطرة الموت.. أرقام فظيعة تلك التي كشفت عنها مصادر مطلعة، بإحصاء أكثر من 100 قتيل كل سنة، منهم من مات في حادث سقوط مروع، ومنهم من دهسه القطار في طريقه، ومنهم من مات بعد انفجار قنبلة.. ومنهم للأسف من مات قذفا بالحجارة.. "الشروق" ترصد حوادث قطارات الموت. * تضم الحظيرة الوطنية للقطارات 195 قطار خاص بنقل المسافرين، وبتعداد 625 سائق أغلبهم يعمل 8 ساعات يوميا، بأجر لا يفوق 25 ألف دينار بين خط الجزائر الثنية، الجزائر العفرون، ليرتفع الأجر إلى 30 ألف دينار، في حالة تجاوز المسافة 250 كيلومتر، يعتبر سائقو القطار أن هذا الأخير في حد ذاته مشكلة، بل أنه تحول إلى "مصيدة للموت"، فمن مجموع 195 قطار تقدم أرقام المديرية العامة للسكك الحديدية وجود 67 قطارا تحت الصيانة بسبب أعطاب أصابتها في حوادث سير، فيما تشير أرقام النقابة الوطنية لسائقي القطارات، إلى تواجد أكثر من 60 قطارا داخل حظيرة بلكور لم تعد تستعمل للنقل، وعاينت "الشروق اليومي" عن قرب وضعية هذه القطارات، التي تحولت إلى خردة أكلها الصدأ، يقول أحد سائقي القطارات، إن صيانتها أصبح أمرا مستحيلا بالنظر إلى قدمها، فمن بين القطارات من تجاوزت مدة استعماله 40 سنة. * * الإرهابيون استهدفوا 50 قطارا * 284 حادث في أقل من خمسة أشهر.. في حوادث مصيدة قطارات الموت (قد يكون سهلا عليك التحكم في قيادة سيارة، أو شاحنة.. لكنك تسير نحو الموت وقد تحمل هذا الموت وأنت تقود القطار) بهذه العبارة افتتح معنا أحد سائقي القطارات، رحلته اليومية يتحدث قائلا بعد إلحاحه على عدم ذكر اسمه: "عندما نقود القطار نعلم، بأننا نحمل على عاتقنا سلامة أكثر من 200 شخص.. وأمن هؤلاء أصبح مستحيلا في ظل التغيرات التي أصابت الجزائر، في السابق كان هاجس القنابل والأعمال الإرهابية التي لاتزال تستهدف خطوط السكة الحديدية، ففي ولاية البويرة مثلا عام 2007 كانت تنفجر قنبلة تقليدية على ممر للسكة الحديدية مستهدفة بالأساس قاطرات نقل البضائع، وعادة ما يصاب السائق بحالة من الذعر والخوف، إذا نجا من الموت"، وفي هذا يؤكد أحد أعضاء النقابة الوطنية للقطارات، استهداف أكثر من 50 قطارا جراء الأعمال الإرهابية. * * 100 ضحية كل سنة.. وارتفاع لحوادث قذف القطارات بالحجارة * من جهة أخرى، تقول مصادر مطلعة أن حوادث مرور القطارات تسجل كل سنة 100 ضحية، إذ تشير أرقام النقابة إلى وفاة 52 شخصا في حوادث السير عام 2007، حيث سجل أكبر عدد للوفيات شهر ديسمبر الماضي بثماني حالات، فيما تم تسجيل 28 قتيلا سقطوا من القطار عام 2007، وتوفي أكثر من 20 شخصا في حوادث الإصطدام المتفرقة، بالإضافة إلى هذا تم تسجيل مصرع 11 سائقا بالحجارة، منهم إصابة شخصين بجروح بليغة على مستوى العين، وإصابة 20 مسافرا جراء رمي الحجارة، فيما تم تسجيل عام 2008 إصابة 07، منهم ثلاث مسافرين. * من جهة موازية، تشير أرقام الشركة الوطنية للسكك الحديدية، تسجيل 284 حادث من شهر جانفي إلى شهر ماي من عام 2008، تم تسجيل فيهم حالتي وفاة جراء اصطدام القطارين على مستوى خط الجزائر الثنية، وتسجيل سبع حالات وفاة جراء حوادث القطارات في طرق غير محروسة، وجرح 12 شخصا بمجموع 29 حادثا، أما فيما يخص أرقام القذف بالحجارة لعام 2008 تم تسجيل 69 حادثا سجل فيهم إصابة 11 سائقا و10 مسافرين، أما حالة الإصطدام بالأشخاص فسجل 37 حادثا توفي منهم 7 أشخاص، وجرح 30 شخصا، وفيما يخص حوادث سقوط الأشخاص من القطارات تم تسجيل ثماني حالات، منهم وفاة شخص وجرح البقية. * * 625 سائق يجرون 195 قطار.. منهم أكثر من 70 سائقا أمام العدالة * يواجه أكثر من 70 سائقا أغلبهم عبر خطوط الجزائر العاصمة متاعب في القضاء، جراء حوادث مرور القطارات، رقم يقول عنه سائقو القطارات ممن التقت بهم "الشروق اليومي"، أنه نتيجة ظروف العمل التي أحيانا كثيرة يكون فيها القطار سببا مباشرا، في الحوادث، فمن مجموع 195 قطار، يوجد 67 قطارا تحت الصيانة، فيما يقدر عدد القطارات التي تستعمل لنقل المسافرين ب 35 قطارا حسب أرقام الشركة الوطنية للسكك الحديدية، تسير هذه القطارات عبر 158 خط، يتحدث السائقون عن ظروف عملهم القاسية، التي كانت وراء احتجاجهم مطلع السنة الحالية وأدت إلى رفع ثمن الساعة الواحدة إلى 360 دينار، مما سمح بزيادة مقدراها 6000 دينار، ومع ذلك لايزال خطر قطارات الموت قائما، فيما كشف السائقون بأن معظم القطارات تتجه كل صباح لنقل المسافرين دون تفقدها، كما كشف عمال صيانة القطارات انعدام الإمكانات اللازمة والمعدات الخاصة بإصلاح القطارات. * وبعيدا عن أرقام الحوادث، يبقى حلم المسافرين مرهونا بمكان للوقوف ضمن قطارات مصيدة الموت.. علّ حلم (الترامواي والميترو) يتحقق يوما ما.