عندما بعث نابليون بونابرت امتحان البكالوريا للوجود، كان هدفه أن تبني فرنسا مؤسساتها بأحسن ما تملك من ثروتها البشرية، فارتفعت البكالوريا إلى رتبة الامتحان الأكثر احتراما في كل دول العالم * * وما فعلته هذه الأيام البكالوريا في قلوب أزيد عن نصف مليون عائلة جزائرية دليل على أننا مازلنا برغم أزماتنا العلمية والاقتصادية نقدس هذه الشهادة، رغم يقين الجميع بأنها مجرّد جسر عبور نحو جامعات صارت مختصة في إنتاج شهادات البطالة التي لا تختلف في مضمونها عن شهادات الوفاة، لكن بمعدلات منتفخة لأجل الانتساب إلى المعاهد الحلم؛ قد يتبخر أمام التدهور الذي تعرفه منظومتنا التعليمية والتي نتورط فيها جميعا، فنحن مازلنا نتباهى بالأرقام، حيث سيقارب رقم الطلبة الجامعيين في الموسم القادم، المليون ونصف مليون طالب، وهو رقم ضخم لا يعني أننا ننافس علميا دول العالم المتطورة، لأن عدد الجامعيين في إسرائيل لا يزيد عن خمسين ألف طالب، وعدد الأبحاث العلمية التي يقومون بها في مجالات متطورة جدا تفوق ما يقوم به طلبتنا بأكثر من خمسين ضعفا، كما أن بلوغ الجزائر أكثر من خمسين جامعة، لا يعني شيئا، لأن ماليزيا تعدّ ثلاث جامعات فقط ومع ذلك تنفجر اقتصاديا كقوة عظمى قادمة. * ما ورد في الشروق اليومي عن خيبة أمل صاحب أعلى معدل في بكالوريا العام الماضي، يجعلنا نفكر في ما بعد البكالوريا أكثر من البكالوريا نفسها، ونتساءل عن فائدة الحصول على البكالوريا بأعلى المعدلات، ودواليب الاقتصاد عندنا بأيدي من لم تلامس أيديهم هذه الشهادة المقدسة، وما فائدة البكالوريا والسياسة والصناعة والرياضة والزراعة والثقافة بين أيدي أناس لا يمتلكون سوى شهادات الميلاد وشهادات الملكية الخاصة لكل شيء. * نابليون بونابرت أسس لشهادة البكالوريا، فبعث فرنسا للوجود ونحن نوزع في كل عام مئات الآلاف من شهادات البكالوريا، فمتى نبعث الحياة عندنا أو على الأقل الأمل..؟!