اهتز حي النخلة القصديري ببلدية الكاليتوس، جنوب شرق العاصمة، الخميس، على وقع عملية انتحار بشعة، بطلها طفل في الثالثة عشرة من عمره، يسمى عبد الرحمان. هذا الأخير وضع حدا لحياته بالانتحار خنقا بحبل، في وقت لم تعرف فيه بعد الأسباب الحقيقية لهذا التصرف، فيما اكتفى والده، الذي كان تحت وقع الصدمة بالقول بلغة عامية: "كي تشوفوا الحالة اللي رانا عايشين فيها وتحسوا بينا مليح تما تفهموا علاش وليدي خنق روحو".. ما يظهر مبدئيا أن سبب إقدام الطفل على الانتحار هو الوضعية المزرية التي تعيش فيها العائلة. "الشروق"، وفور سماعها بالخبر ساعات بعد الحادثة، تنقلت إلى عين المكان، حيث كانت جثة الطفل المنتحر لا تزال في البيت، فيما شرع رجال الشرطة العلمية في تحقيقاتهم المبدئية لجمع الأدلة والعينات قبل نقل الجثة إلى الطبيب الشرعي لمعاينة سبب الوفاة، كما قاموا باستجواب أولي مع أفراد العائلة والجيران للتعرف على دوافع ارتكاب عبد الرحمان لجريمة في حق نفسه، بوضعه حدا لحياته عن طريق الخنق، وتم منعنا من قبل رجال الشرطة من الدخول إلى مكان وقوع الحادثة لسرية وحساسية الحادثة، فيما حاولنا التقرب من الوالد الذي أصابته هستيريا وكان في حالة يرثى لها بعد فقدانه لفلذة كبده عبد الرحمان، الذي فضل الموت على البقاء حيا في هذه الدنيا، حيث لم يصدق الوالد الفاجعة التي ألمت به ليقول والحسرة تمزق قلبه: "عندما ترون حالتنا التي نعيش فيها ستحسون بنا وتعرفون لماذا انتحر ابني". وفي تلك الأثناء وبمجرد سماع أصدقاء الضحية في المدرسة وجيرانه بالحي الفوضوي بالخبر، هرعوا مسرعين إلى منزله للتأكد من الخبر، ولدى تواجدنا هناك التقينا يوسف، وهو من أصدقائه المقربين، الذي كان يقول والدموع تنهمر من عينيه: "عبد الرحمان ليس من عادته التغيب عن المدرسة واليوم غاب إلى الأبد". ويتابع كلامه: "صديقي كان مجتهدا وممتازا ويجلس خلفي وكنا نلعب كل يوم دون انقطاع". هذا، وأكد عدد كبير من أصدقاء عبد الرحمان بأنه كان مهووسا بتقليد أبطال أفلام الأكشن وخاصة "سبيدر مان" حتى أصبحوا ينادونه بذلك الاسم، كما أشاروا إلى أنه كان يقلد ويفعل أشياء غريبة لا تحدث إلا في أفلام الخيال عندما يلعب معهم، وهو ما يرجح فرضية أن يكون الطفل قد قلد مشهد انتحار في فيلم خيالي ولم يكن يدرك خطورة الأمر. وأكد لنا حميد، جار الضحية، أنه هرع مسرعا إلى بيت عبد الرحمان بعد سماعه صراخ والدته التي اكتشفت موت ابنها بعد دخولها البيت، ولحظتها كان الطفل قد فارق الحياة بعدما فكت والدته الحبل الذي كان ملفوفا حول عنقه، لتبقى وفاة عبد الرحمان لغزا إلى غاية استكمال التحقيق في القضية، خاصة أنه معروف لدى أساتذته بخلقه واجتهاده في الدراسة، والأيام كفيلة بكشف المستور إن كان الطفل انتحر بسبب أوضاع البؤس والشقاء أو تقليدا ومحاكاة للأفلام الخيالية ولم يكن يدري عاقبة ما فعل.