دعا أرنو مونتبورغ، وزير الاقتصاد الفرنسي السابق في حكومة جون مارك إيرو، إلى تجاوز مخلفات الماضي الاستعماري، التي حالت، برأيه، دون تقدم العلاقات الجزائرية الفرنسية بالشكل الذي يأمله الفاعلون الاقتصاديون. وقال مونتبورغ الذي زار الجزائر بدعوة من "منتدى رؤساء المؤسسات"، واستُقبل من طرف الوزير الأول، عبد المالك سلال، إنه "حان الوقت كي تطوى صفحة الماضي الاستعماري من الرؤوس، الأمر الذي من شأنه أن يساعد الجزائروفرنسا على تقوية أواصر التقارب الاقتصادي". ولم يتحدث القيادي في الحزب الاشتراكي الفرنسي، الذي ينحدر من أصول جزائرية، عن موقف عبد المالك سلال، من هذه القضية التي طالما سممت العلاقات الجزائرية الفرنسية، بسبب تمادي باريس في تمجيد جرائم جيشها الاستعماري بالجزائر، غير أنه قال إن اللقاء كان فرصة لبحث سبل إمكانية إقامة تحالف صناعي فرنسي جزائري، لا يكون في اتجاه واحد، مثل ما هو حاصل حاليا. وفي تعليق على هذا التصريح، أكد الأمين العام السابق للمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء ورئيس حزب "الفجر الجديد"، الطاهر بن بعيبش، أن الطرف الفرنسي هو المطالب بالتخلص من عقدة ماضيه الاستعماري، ومن احتقار كل ما هو جزائري. وقال بن بعيبش في اتصال مع "الشروق" أمس: "إذا كان الفرنسيون حريصين على تطوير علاقاتهم مع الجزائر، فما عليهم سوى التخلص من عقدة جرائمهم الاستعمارية في الجزائر، وذلك لا يكون إلا من خلال تقديم اعتذار للشعب الجزائري". وهو ما ردده الكثير من السياسيين الجزائريين في السلطة والمعارضة، ولم يتلق استجابة. وتابع بن بعيبش الذي يعتبر أحد أبرز وجوه العائلة الثورية متسائلا: "أيعقل أن يقتل ويشرد الجيش الاستعماري الفرنسي الجزائريين طيلة 132 سنة، ثم بعد نصف قرن من الاستقلال، يأتون بقانون يمجد الجرائم الاستعمارية ويصفونها بالأوصاف الإيجابية؟" في إشارة إلى قانون 23 فيفري 2005. ورمى المتحدث بالكرة في مرمى السلطات الجزائرية التي وقفت في طريق مشروع قانون تجريم الاستعمار، الذي وقّع عليه العشرات من أعضاء المجلس الشعبي الوطني في العهدة السابقة، ثم يحجز المشروع على مستوى مكتب المجلس لسنوات، دون مبررات مقنعة من قبل الجهات التي وقفت في طريقه. وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني السابق، عبد العزيز زياري، قد أكد في حوار صحفي، أنه لم يكن المسؤول عن سد الطريق أمام مقترح قانون تجريم الاستعمار، وإنما جاءته أوامر فوقية بأن "الوقت غير مناسب" لتمرير ذات القانون. وشدد المسؤول السابق بمنظمة أبناء الشهداء، على أنه "مقتنع بضرورة وجود علاقات مميزة بين الجزائروباريس"، غير أن "هناك بحرا من الماء بيننا وبين فرنسا يحول دون نسيان الماضي، لاسيما في ظل تنامي الفكر الاستعماري لدى بعض الأوساط الفرنسية". وأشار بن بعيبش في هذا الصدد إلى التصريحات التي صدرت عن رئيس الدبلوماسية الفرنسية الأسبق، بيرنار كوشنير، "الذي تهجم على بعض رموز العائلة الثورية من الجزائر، قبل أن يضحك على الجزائريين عندما قال إن بلاده تلقت ضمانات بأن قانون تجريم الاستعمار سوف لن يسمح له بالمرور".