لم تفوّت السلطات المغربية أي فرصة من دون أن تقحم الجزائر في صراعات وهمية، وكانت الفرصة هذه المرة اجتماع منتدى "كرانس مونتانا" بمدينة "الداخلة" في الصحراء الغربية، كي تعود لهوايتها المفضلة. وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، وفي تصريحات أوردتها الصحافة المغربية، اتهم الجزائر ب"التشويش" على المنتدى، ووصف الأمر ب "المؤسف"، وذلك في إشارة إلى الجهود التي بذلتها الجزائر من أجل إقناع المجتمع الدولي بمقاطعة اجتماع "الداخلة"، كونه ينعقد على أرض محتلة، وهو الأمر الذي يتنافى مع الأعراف الدولية المؤكدة على ضرورة تصفية الاستعمار. مزوار دافع عن موقف بلاده في اختيار الأراضي الصحراوية المحتلة لاحتضان المنتدى، بقوله إن القائمين على مؤسسة "كرانس مونتانا" هم الذين اختاروا مدينة الداخلة لاحتضان اللقاء، بالنظر إلى موقع المدينة وقدراتها، وفي محاولة لإلقاء المسؤولية على القائمين على المنتدى. وكانت حكومة الجمهورية العربية الصحراوية، قد عارضت بشدة عقد المنتدى على الأراضي المحتلة، ووصف وزير الشؤون الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد السالك، الأمر بال"مناقض لمبادئ المنتدى"، و"عدوان واعتداء واغتصاب للشرعية الدولية"، على حد تعبيره. ولم يستبعد ولد السالك أن يكون النظام المغربي "عقد صفقة مع مالك هذا المنتدى الذي يقطن بمدينة موناكو الفرنسية ومراكش المغربية، بهدف الدفاع عن سياسة المغرب الاستعمارية"، متهما الرباط بالعمل "طيلة عشرية كاملة على خلق بارونات وشراء الذمم للدفاع عن سياسته الاستعمارية وفرض الأمر الواقع"، كما قال. وليست الجزائر هي الدولة الوحيدة التي عارضت عقد المنتدى على الأراضي الصحراوية المحتلة، لأن الاتحاد الإفريقي دعا خلال الدورة الرابعة والعشرين لرؤساء دول وحكومات الاتحاد المنعقدة بأديس أبابا مؤخرا، الدول الأعضاء وكل المنظمات وفعاليات المجتمع المدني إلى مقاطعة منتدى "كرانس مونتانا". وطالب الاتحاد الإفريقي حينها بإلغاء هذه التظاهرة "لتعارضها وخرقها للقانون الدولي"، وكذا لتداعياتها المحتملة على جهود السلام الأممية والإفريقية لحل القضية الصحراوية، فيما رد بتنظيم أنشطة بالأراضي الصحراوية المحررة للتعبير عن تضامن القارة الإفريقية مع نضال الشعب الصحراوي من أجل الحرية والاستقلال. كما عارضت منظمة الثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة "اليونيسكو"، تنظيم المنتدى في الأراضي الصحراوية المحتلة، ودعت جميع المنظمات الأممية وغير الأممية إلى مقاطعة اجتماع "الداخلة"، مثلما رفض الاتحاد الأوروبي، كما جاء على لسان رئيس المفوضية جون كلود يونكر، المشاركة في المنتدى ودعا إلى مقاطعته للأسباب السالف ذكرها.